أيها الحسن

لا تَقولي يا فَتاتي أنَّني..

عَقَّني الوَحْيُ. وجافاني الخيالُ..

فأنا الحُبُّ صُدوداً.. وأنا الحُبُّ وِصًالْ..

وأنا الشِّعْرُ سلاماً.. وأنا الشِّعْر نِضَالْ

* * *

وأنا مَن كانَ يَهْواكِ ويَرْعاكِ صَبِيَّهْ..

وَرْدَةً تَنْفَحُ بالعِطْرِ. وتَذْرُوه شَذَيَّهْ..

كنْتِ بالطُّهْرِ وبالفِتْنَةِ عَذْراءَ كما المُزْنِ نَقِيَّهْ..

يا لَرُوحي. فلقد كانَتْ وما زالتْ بِمَرْآكِ شَجِيَّهْ..

* * *

ثم أَصْبَحْتِ فَتاةً حُلْوَةً.. تَطْوي عُقولاً وقُلوبا..

تَشْتَهيها.. وهي لا تَمْنَحُها إلاَّ الجَوى.. إلاَّ النُدوبا..

وتُناجِيها فَتَسْتَهْوي وتَسْتَصْفي.. رَزاناً ولَعُوبا..

يُسْعِدُ الحُسْنَ ويُشْقِينا ويَسْبِينا عَبوساً وطَرُوبا..

* * *

فَتَشامَخْتِ على الشَّاعر. والشاعرُ يا حُلْوةُ أكْرَمْ..

كان يَسْخُو.. كانَ بالآمالِ.. مِن أَجْلِكِ يَحْلَمْ..

كانَ ما بَيْنَ تعاليكِ العواني.. كانَ ضَيْغَمْ..

كانِ بالشِّعْرِ.. ذُرَى الشِّعْرِ العَوالي يَتَرَنَّمْ..

* * *

لو تَأَنَّيْتِ لأَغْلاكِ.. وأعطاكِ.. كما شِئْتِ.. الخُلودْ..

ولَكُنْتِ اليَوْمَ بَيْنَ الغيد روضاً ذا ثمارٍ وَوُرودْ..

والقَوارِيرُ حوالَيْكِ على الحُسْنِ الذي جَلىَّ شُهُودْ..

كُنَّ يَحْسِدْنَكِ.. والحُسْنُ له أَلْفُ غَيورٍ وحَسُودْ..

* * *

ورأى مِنْكِ تَعالِيكِ غباءً وغُرُورا..

ورأى منكِ تَجافِيكِ.. جُحُوداً ونُفُورا..

فَتَخَلَّى عَنْكِ.. عن حُسْنِكِ.. مُخْتالاً فَخوراً..

إنَّه الحُرُّ الذي يَمْقُتُ مَن كانَ كَفُورا..

* * *

فاهْنَأِي.. اليَوْمَ بِما اخْتَرْتِ.. وما اخْتَرْتِ السُّمُوَّا..

لن تَعُودي مِثْلَ ما كنْتِ.. ارتفاعاً وعُلُوَّا..

فلقد أَقْصَيْتُ رُوحي عَنْكِ.. مَقْتاً وسُلُوَّا..

إنَّني أكْثَرُ من حُسْنِكِ.. كِبْراً وعُتُوَّا..

* * *

قُلْتُ والرُّوحُ يُناغِيني مُناغَاةَ حبيبٍ لِحَبِيْبِ..

أيُّها الرُّوحُ تَمَجَّدتَ. فَدَعْ عَنْكَ دَياجيرَ القلِيبْ..

وافتَرِعْ مِنَ السَّحابِ الشُّمِّ. مِقْداماً مَهِيبْ..

وانْبذِ الحُسْنَ إذا اسْتَشْرى. وأَشْقى باللَّهِيبْ..

* * *

واسْتَراحَ الرُّوحُ للنجوى.. وأصْغى لِلْمقالْ..

وتعاهَدْنا على أَن نُكْرِمَ الحسن طَهُوراً وَوَفِيَّا..

فإِذا ما رامَ طُغْياناً على الحُبِّ.. وجَافاهُ عَتِيَّا…

وَجَدَ الحبَّ مُشيحاً عنه.. مُعْتَزّاً أَبِيَّا….

فلقد يأْسى. وقد يَنْدَمُ. أَنْ صَدَّ غُروراً.. عَبْقَرِيَّا..

* * *

إنَّ مَجْدَ الحُسْنِ أَنْ يَرْفَعَ لِلطُّهْرِ ولِلشِّعْرِ لوِاءَ!

فهو رَوْضٌ يَمْلأُ الدُّنْيا على النَّاسِ عَبيراً ورُواءَ!

شامِخٌ كالطَّوْدِ.. وضَّاءٌ.. كما النَّجمُ شعاعاً واعْتِلاءَ!

يَعْرِفُ النَّاسُ سَجاياهُ.. عَفافاً.. واعْتَزازاً.. ونَقَاءَ!

فيَخْفِضُونَ الطَّرْفَ إن لاح.. احْتِشاماً وحَياءَ..!

ذاك مَجْدُ الحُسْنِ.. مَجْداً لحُبِّ.. صنْوَيْنِ. دَلالاً وانْتِشاءَ!

يا لِواءَ الحُسْنِ قُدْنا لِلهَوى.. يُلْهِمُ الشِّعْرَ.. ويَسْتَجْلي الخَفاءَ!