على ضفاف المنفى

(1 )

وأنتَ على ضفافِ المنفى

لا تحصد غير سرابِ حلمٍ

يتشظّى في مرآةِ الليل ؛

غير وجعِ الروح ،

الروح التي طعنتها سهام

أزمنة الفوضى والفجيعة!

(2 )

وأنتَ على ضفافِ المنفى

لا تحصد غير أنخابِ نبيذٍ رديء

لا تهب غير ثمالةٍ منقوصةٍ ،

لا تحرر الروح مِن سياجِ الغربةِ!

(3 )

وأنتَ على ضفافِ المنفى

لا تحصد غير زخاتِ مطرٍ

تصفعُ القرميد ،

وتمسح غبار النوافذ

غير دمعةٍ تحفرُ خدكَ اليابس

الذي جففه صقيع المنافي!

(4 )

وأنتَ على ضفافِ المنفى

لا تحصد غير غيابٍ معجون

بملحِ الذاكرةِ

غير عناكبٍ ترتّق سقف الغرفة

تحت نثيث ضوء باهت!

(5 )

وأنتَ على ضفافِ المنفى

لا تحصد غير فخذيْ الجارة

وهي تنساب إليكَ في رقصةِ فالسٍ ،

عبر زجاج نافذتها الوحيدة ،

بعد أن تطعنها شبق ما بعد منتصف الليل!

(6 )

ها أنت على ضفافِ المنفى

لا تحصد غير بردٍ يشبُّ في العظام

ويمتصُّ نبيذ الروح ،

غير تصلّبِ جلدٍ ، وتكلّس عظامٍ!

(7 )

ها أنت على ضفافِ المنفى

لا تحصد غير غبارِ كتبٍ يُثملُ الروح

كتبٌ بملمسٍ خشن ،

يشبه سعال جنديٍّ بعد نهاية المعركة!

(8 )

ثمة إحتراقٌ لا نهائيٌّ في ليلِ المنفى ،

ثمة رعبٌ ينغل في دمِ القلبِ ،

وثمة إنسحاقٌ أبديٌّ للحلم ،

لا شيء غير عدمٍ عظيمٍ ينبعثُ مِن عدمٍ آخر

لا شيء غير يأس يتمدد ،

غير دموعٍ تهطل لتهشَ غبار الحزن

ولو للحظةٍ تكفي لنصفِ إبتسامةٍ!

(9 )

ها أنتَ على ضفافِ المنفى

شيءٌ ينبعث مِن ركامِ الماضي

ليخيطَ جرح الحاضر ،

الذي ينزف بإنهمارِ مطرٍ!

شيءٌ ينبعث ليغسلَ نوافذ الروح

المتسربلة بغبارِ الخيبةِ

ويزيل طحالب الشتاء التي

علقت على جدارِ الجسد!