كيف عساك

و ختمت حديثي سراً ثم رحلت

غادرت حدود الأرض

و سكنت بأقصى ركن خلف النبض

ألغيت بقلبي شوق الموج إلى الإبحار

و حجبت الريح عن التيار

و مسحت بخرطي كل خطوط الطول

و كل خطوط العرض

و أزلت خطوط النار

و خطوط الكف براح يديك

و هجرت ديارك و الآثار

و سحبت الطل من الأزهار

و حبست الماء من الأنهار

و خنقت الرعد

فانطفأ البرق بوجه النار

و احترق بعيني مطر السعد

أقسمت بكل بيوت الشعر

الساكن حزني أن أنساك

و أن أنتزع زهورك مني

و أن أرتحل إلى العلياء بدون هواك

و أن أتعلم كيف يكون ربيع الكون

بغير حقولك

دون وعودك أو ذكراك

و أن ينتحر الأمل المشرق

في عينيك

و في خديك

و فوق جبينك في يمناك

و في شفتيك و في رئتيك

و ليل التوق على كتفيك

و في يسراك

و أن ينشطر شراع القارب

في مرساك

صار الزمن الخاطئ

أطول عمراً منذ لقاك

صار الدمع الجارف بحراً

يهدر حزنا ً فوق الأرض

و في الأفلاك

صار الوجع الجارح يخدش

عصب حنيني كالأشواك

صار صفاؤك في إحساسي

موج هلاك

صار الفرح الأخضر رملا ً

في الصحراء

و صار الحب كنهر الآه

يصب بكاءً في مجراك

و كل طيور صدحت قربك

صارت شبحاً

حلماً هاجر من رؤياك

لم يأسرني قيد هروبك من أعماقي

لم ينكسر حديد وثاقي

لك في الدنيا أو لسواك

ليتك تدرك أن الحب سيصبح يوما ً

شيئاً أكبر من معناك

و أنك يوماً تبقى عندي

معبر ذكرى و استهلاك

و خنجر ورق في خاصرتي

و استنباط و استدراك

و أن الزمن يدور فتدري

كيف العمر استبق بهاك

و كيف جلالك أصبح مأوى للنسيان

و صار غريبا ً في دنياك

فكيف تجئ تفتش عني

بين النجوى

في الآمال و بين شذاك

و كيف تعود تلاحق زمني

كيف بربك كيف عساك

غادر قلبي فارق بدني

لم تمنعه حصون حماك

لم يبهره حيث السحر

و لم تأخذه دروب السلوى

روح القدس و وجه ملاك

عانق قلبي دنيا أخرى

أصبح عقلي وقت الذكرى

لا يشتاق

و لا يطراك.