في لحظة يأس

مهلاًً ! إلى أين تسعى ، أيّها الرجلُ

ألا ترى كيف سُدّتْ دونك السُبُلُ ؟

ما عاد للسعي في دنياك من ثمر ٍ

أو غاية ٍ، وتساوى الريث والعجَل

ماذا ترجّي من الأيام ؟ هل بقيت

لديك من فُرصة ٍفي العمر تُهتبلُ ؟!

ما أنت إلاّ حطام بائس نضبت

فيه الحياة ، وأوهتْ قلبه العلل

يقفو خطى الوهم مشدوداً إلى حلم ٍ

صعب المنال ، ويقفو خطوه الأجلُ

حيران يبغي بصيصاً يستعين به

على السُرى ، وظلام الليل متصل

أضعتَ أغلى سنيّ العمر مكتفياً

بالشعر ، تقتادك الأحلام و المثلُ

لم تبن ِصرحاً يقيك الريح إن عصفتْ

ولا وصلتَ إلى مجد كمن وصلوا

ولا غنمت من الدنيا لذائذها

وكنتَ تُملي على الدنيا فتمتثل!

وعشتَ في السفح لاصيتٌ ولا ألَقٌ

ولو نشدتَ الذرىلم تُعيك الحِيل

حتى أغانيكَ لم يُسمعْ لهن صدى

في عالم ساده التهريج و الدجَل

أنشدته من حديث القلب أعذبَه

وسمعه عن حديث القلب منشغل

واليوم ها أنت في منفاك مغترب

كما توحّش في بيدائه الطلل

فما لمثلك في بغدادَ مضطَرَبٌ

وليس عنها ، وقد فارقتها ، بدَلُ

فإن يكن كل ما عانيت من نصَب

أفضى إلى حيثُ لاجدوى ولا أملُ

فلا تلُم زمناًً أغفلتَ منطقه

فإنما فيك ، لا في دهرك ، الخللُ

لو كنتَ أدركت أن الناس جوهرهم

ما تضمر النفس ، لا ما تبصر المقلُ

و لم تصدّقْ رياءً في طبائعهم

ولم تعوِّلْ على الودّ الذي افتعلوا

لما تلقّيتَ ممّن كنت تحسبهم

أحبّة ، طعَناتٍ ليس تندمل !