الليل والمدينه

 عابسٌ ليلُ المدينه

طُرُق يسكنها الرعبُ .. وصمتٌ..

ومصابيحُ حزينه!

قبعتْ كلّ المباني خائفه

مثلَ اسراب طيور ٍ في انتظار العاصفه!

كلّها مطفأةٌ .. الا شبابيك قليله

ترمق العَتْمةَ والصمتَ بأحداقٍ ذليله!

آه ..كم في هذه اللحظه من طفلٍ يموتْ

جائعاً!

كم من مآسٍ خلف جدران البيوتْ

علّمتها قسوةُ الجلّاد إيثارَ السكوتْ!

كم فتىً مثواهُ زنزانةُ سجنٍ عاريه

ليس فيها غيرُ آثارِ دماءْ

هي ما أبقاهُ مَن حلَّ بها من شهداءْ

أنِفوا أن يهتفوا للطاغيه

وهو يقتادُ محاطاً بالكلاب الضاريه

شعبه المستنزفَ ، المصفودَ ، نحو الهاويه!

 

*                         *                     *

مرعبٌ ليل المدينه !

لآ يرى سالكُهُ عند المفارقْ

غيرَ حرّاسٍ لئامٍ وحرابٍ وبنادقْ!

وكأنّ الظُلُماتْ

كَفَنٌ أسودُ قد حاكتْهُ من ظلِّ المشانقْ

أنملٌ تقطر حقداً وضغينه!

أين بغدادُ التي تزخر نوراً وحياةْ؟

أين سُمّارُ الليالي؟

أين سحرُ الأمسياتْ؟!

أتُرى تذكرُها ؟

أم أنها اليوم وقد باتت رهينه

في يَدَيْ جلادِها

تُجْفلُ حتى من حديث الذكرياتْ ؟!