هكذا ابتدأ الجنون

أ

شاهدَ إنساناً بلا إنسانٍ ، شارعاً يمشي في أزقةٍ ضيّقةٍ ،

زاحمَ مشاعرَ الوقتِ الساكنِ تحتَ لغطِ الخطواتِ وحطامِ الهواء ، الشارعُ يلتفُّ على الشارع ، والناسُ لا يتذكرون أصابعهم إلا في حضرةِ النهدِ النافرِ وسلخِ الوشمِ عن ظاهرِ اليد .. واليد لا تذكرُ قبضتها إلا في هذيانِ اليافطاتِ المسمّرةِ على سياجِ حديقةِ الحيوا

ب

جلسَ عند جثمانهِ الملقى عند ضفّةِ تمردَ الماءُ عليها ،

تتبعَ آثار حروقٍ في جسدِ الحقيقةِ وأحلامَ الزيف ،

ج

سار طويلاً يبحثُ عن نافذةٍ تعطيهِ العالم .. أو ترميهِ قتيلا ،

شاهدَ البؤسَ مناديلَ توضعُ في الجيوب ،

صدّقَ كذب الناس :

الساعة

والشمسُ ضياءٌ ودفء )

سمعَ همسات الناس ” تمثالُ الطاعون “

د

شاهدَ القحطَ في كلّ سنبلةٍ والجوعَ عربةً تجرها خيولٌ متخمة ،

حينما تخطّى الصدقَ والكذب

فراح يتلمسُ الجدرانَ

صوت

لا يرى خلفَ كفيهِ غير الضبابْ

فانزوى تحتَ شرفتها الساهره

هل يرى شرخَهُ

لانسدالِ الجفونِ على الذاكره ؟

.. ماضياً

الساعة

لا يرى غيرَ شرفتهِ

خائضاً

السمكُ لا يعيشُ إلا تحتَ سقوفِ الماء

في رمالِ السرابْ

والشمسُ ضياءٌ ودفء )

شاهدَ تمثالَ الحريةِ .. هشّمهُ .. وقفَ محلهُ

سمعَ همسات الناس ـــــــــــــ ” تمثالُ الطاعون “

د

إذا غادرتِ الأشياءُ نفسَها ، يكبر الزمنُ

قال لنفسِهِ وغادر المدنَ يحملُ أسفاراً

دخلَ قرى جاثيةً عند روافدِ الظمأ العظيم ، خطوةٌ دفعتها الرياحُ إليهِ … يوماً من سلالةِ الأيام .. كان يوماً للحصاد المر ،

شاهدَ القحطَ في كلّ سنبلةٍ والجوعَ عربةً تجرها خيولٌ متخمة ،

شاهدَ امرأةً من قشّ تذروها المحاريث ..

هـ

حينما تخطّى الصدقَ والكذب

لم يرَ الأرضَ على وجه الأرضِ

فراح يتلمسُ الجدرانَ

تسبقهُ عصاه .

صوت

.. واقفاً

لا يرى خلفَ كفيهِ غير الضبابْ

أمسِ ، نافذةٌ رشقتهُ بنرجسةٍ

فانزوى تحتَ شرفتها الساهره

هل يتابعُ ذاك الجدار ؟

هل يرى شرخَهُ

نازلاً

لانسدالِ الجفونِ على الذاكره ؟

.. ماضياً

لا يرى غيرَ شرفتهِ

خائضاً

في رمالِ السرابْ