مختارات

( … )

في فضاءٍ ينهرُ الطائرَ إنْ همَّ

يرى

أرصفةً تعدو

وشمساً قاهره

وثنيٌّ ضاقَ بالصمتِ

ولغوِ الدائره

كلما راودهُ حلْمُ انعتاقٍ

قدَّ ايكاروسَهُ

من حجرِ الحدْسِ

وريشِ الذاكره

( … )

ذاتَ ضحى

فرّتْ حبّةُ دمعٍ

من بينَ أصابيعِ رحى

ذابتْ في بحرِ مرؤءتها

كانَ الحرّاسُ يفلّونَ البحرَ

بحثاً

عن حزنٍ آبق

(… )

في القطارِ المكتظِّ بالأدغالِ

توجعني الفراشةُ حين تلامسُ روحي

وتوجعني روحي حينما تفرُّ الفراشاتُ

أقفُ

هيهات

الأدغالُ تعلو

أنبتُ في الممقعدِ كالدغلِ

أينَ يمضي القطارُ المكتظُّ بالأدغال ؟

( … )

أمام القطرةِ

يودعُ صباهُ ويستقبلُ اليباب

أمامَ القطرةِ

يقرأ نوايا الأقدامِ

ومن وجههِ تنسلُّ خيوط النار

فيُطفأُ

كآخرِ عقْبٍ لسجين

ــ من مراثي نرجس ــ

( … )

جسدي أمصارٌ مغلقةٌ

كلما حاولتُ فتحها

أسقطُ في الأسر

( … )

نطّتْ كالدولفينِ من حوض المتعةِ

بقميصها المبتلِّ بالفراشات

عصرتْ ( روحي )

وتركتْهُ على حبلِ الغسيل

اهترأ القميصُ

ومازلتُ أرى حلمتينِ

معلقتينِ على حبل جنوني

فأطوفُ حولهما

( … )

غرابٌ ؟

أم بجعٌ ــ محترقاً يطفو ــ ؟

أم

قبعةُ عوليس ؟

( … )

يرسمُ الطفلُ نهراً

وموجْ

ويمزّقُ كرّاسةَ الرسمِ

حين يفيقْ

على صرخةٍ لغريقْ

( … )

في حانة الميناء

وفي الساعاتِ الأخيرةِ

يبقى الشعراءُ

يتواثبون على المناضدِ

طَمَعاً بجِزَرِ النادلة

( … )

المهرجُ الزنجي

الذي يضحكُ الحانةَ في بُحرانه

كلّ ليلةٍ

ــ وحينما يقطفُ النادلُ المصابيحَ ــ

يسرقُ نديماً

ويختفي في الظلام

( … )

يُدلِقُ الليلَ على روحهِ

حاناتٍ

ويمضي …

أمّةٌ من نشوةٍ

تتبعُ آثارَ عصاهْ

فيرى :

سفناً تغرقُ في الوحلِ

ومرساةً تفلّي القاعَ

بحثاً عن خطاهْ

……………………….

يُغلقُ الجرحَ بقارِ الصمتِ

كي ينجو على لوحِ رؤاهْ

( … )

الصاعقةُ التي هطلتْ عَلَي

لم تمشطْ شَعرَ أجمةٍ

ولم تحرقْ ظلامَ روحي

( … )

في الذاكرةِ

أغنياتٌ لم يبللها مطرُ الجنون

كتمراتِ العبيد

( … )

هكذا

مثلَ حطّابٍ أعمى

أطبخُ فأسي

وأدعو برابرةً لوليمةٍ من حساء الحديد

( … )

في أعلى الشجرةِ

ورقةٌ محاطةٌ بأشواكٍ وعقارب

قالَ : لأجلسْ حتى يحلَّ الخريف

(… )

ظامئاً كانَ

تذكرَ الطوفانَ

فلم يرَ سوى حيتانٍ برية

( … )

كلما تخيّلَ جُبّاً

رأى خيانة

( … )

بكفيهِ المعروقتينِ

يمسّدُ شَعرَ القمرِ الساقطِ في حجرهِ

ــ ما خالهَ حلمةً أو كوّةً ــ

حتى ينامَ

فينسلُّ ( أبو العلاء ) هادئاً

وبشرفتيهِ المُطفأتين

يتلمسُ الهواءَ

ويسافرُ

رديفاً للطيورِ على صهوةِ الفضاء

( … )

أضعُ راحتي على كتفي

وأعبرُ المدى

خطوةً

خطوتين

وفي الخطوة الثالثةِ

أتذكرُ

أين أضعتُ عينيّ

( … )

جاءَ الحقُّ

ليبحثَ عن نجمٍ يهديهِ

زهقَ الأسمُ

الفعلُ

الحرفُ

لم يبقَ سوى الصمتِ العاوي

كخواءٍ في التيهِ :

تفوووووووو

( … )

في مهرجانِ العراةْ

حين بدتْ الأرضُ في عريها

أوّلُ من قبّلَ أذيالها

النولُ

والشاعرُ

والمرآةْ

( … )

ــ أين أضعتْ خطاك ؟

ــ تركتها في الفخ .

ــ وعينيكَ ؟

ــ بعد خطوتين على الطريق التفتُّ فلم أجد عيني .

ــ وكيفَ اهتديت ؟

ــ دلّني عماي

وجرذٌ فيَّ

ينتظرُ جبنةَ النجمِ

حاسباً الشمسَ جُحراً

فالأرضُ قطّةٌ تتأهبُ

( … )

أفُقٌ

يصحو على فأسِ ونايْ

وخطايْ

تقتفي آثارَ جرذٍ

ورؤايْ

نجمةٌ ألقتْ ظلالاً

وسياجٌ راكضٌ خلفي

عناقيدُ من الجمرِ تدلّتْ

ورصيفٌ شاغرٌ يرثي الخطى

وخطىً أسمعها

تمضي إلى هاويةِ الأفقِ

وأفْقٌ يعزفُ الغصّةَ بالفأسِ

على أحلامِ نايْ

( … )

عصبوا عينيهِ

فقادَهم إلى حتفهم

ربطوهُ إلى عمودِ الكهرباء

فأضاء عتمتهم

وحينما رشقوا جسدهُ بالرصاصِ

صار ناي

( … )

في الضحى

وقبل أن يطلقَ النارَ على روحهِ

أطلقَ إطلاقةَ تنويرٍ

وفي المساءِ

سار المشيّعون

( كأنَ كلّ شيءٍ على ما يرام )

وحدهُ القمرُ

كانَ مثقوباً

( … )

لم يبقَ لهذا السجينِ

سوى

أن يداعبَ أنوثةَ زنزانتهِ

بنبلةِ الشعاع

( … )

في الظهيرةِ

امرأةٌ ــ في الثلاثينَ من عمرها ــ

تفتحُ البابَ

تسقي الممرَ

وتطلقُ للأفقِ عصفورتينْ

…………………….

الممرُ الرخاميُّ

لم ينبتِ العشبُ فيهِ

ولا الأفقُ

ردَّ إلى الصدرِ عصفورتيهِ

والصبيُّ

ــ الذي في الثلاثين من عمرهِ الآنَ ــ

أدركَ أن التي ( …………………………. )

لم تعدْ تفتحِ البابَ

تسقي الممرَ

ففي الروحِ عصفورةٌ ذابله

( … )

في غمرةِ الكشفِ تنسى

وتلهو بقراءةِ نقوشٍ على كوزِ لذتها

هذهِ الروحُ

هذهِ الروحُ صغيرةٌ

صغيرةٌ كنبوءةِ عصفور

( … )

الدرويشُ

معلمُ الأنهارَ أبجديةَ المطر

ذات يومٍ

أجلسَ ساقيةً ـ نسيتْ درسها ــ

على ركبتيها

وراح يجلدُها بطلعٍ يابسِ

غير أن الساقيةَ النزقةَ

تسلقتْ سماءَ أوراقهِ

وبالتْ عليه

( … )

لماذا لم أمتدحِ الظلامَ ؟

الظلامَ الذي يوقظُ نردَ صحوي

على امرأةٍ

تشقُّ جدارَ جلدي

وتأتيني بسابعِ مستحيلاتِ الضياء

………………………

لماذا لم أمتدحِ الظلامَ ؟

الظلامَ الذي يرمي غاباتٍ من النشوةِ

على كفّي

وأنهارَ شعرٍ

……………………..

لماذا لم أمتدحِ الظلامَ ؟

الظلامَ الذي يحجبُ عني ثقيلي الظلّ

وينيرُ وجهَ صديقي

صديقي الذي يرمي نردَه

منشغلاً

بغاباتٍ

وأنهارٍ

وامرأةٍ

تأتيهِ بسابعِ مستحيلات الضياء

………………………..

( … )

دونما ارتباكٍ

دونما رعشةٍ

انـ … سـ … لا … لٌ … بطـ … يء

إلى حيثُ تختفي العزلةُ

والآن

سلَّ خنجركَ المتحفزَ

واطعنِ الحياءَ طعناتٍ سريعةً

اخفِ الجريمةَ بالاتقان ِالذي بدأتَ

وتسللْ …

رعشةٌ خفيفةٌ في الجسد

وقطراتٌ من دم الروح

لا يهم

ستختفي حالما يرتفع صدرُ الحياء

ويعطشُ خنجركَ

وهكذا

المرةَ تلو المرة

حتى تضمحلَ الرعشةُ

عندما تضمحلُ أنتَ نفسك

( … )

تستدلُّ بجرحٍ مضيءْ

تنحني الروحُ

كي تلقطَ الأرضَ

هيهاتَ

هيهاتَ

في قبضةِ الروحِ لا شيءَ

إلا عثرةُ السيلِ

أو حفنةٌ من زمانٍ رديءْ

…………………………

تستدلُّ بجرحٍ مضيءْ

ترتقي الروحُ

ترفو السماءَ بلبلابها

وتعودُ

ولم يتركِ النجمُ مسكاً

بجلبابها

بل هواء صديء

…………………….

تستدلُّ بجرحٍ مضيءْ

تنحني الروحُ

أو

ترتقي

فعلى ساحلِ الليلِ

يحترقُ النايُ من شغفٍ

للذي لا يجيءْ

( … )

طارتِ الملكه

حفرةٌ في الفضاءِ

هو الوهمُ

أو في السريرْ

قفصٌ للجهاتِ

فإنْ طرتَ

أو غرتَ

كنتَ الأسيرْ

ــ موكب الملكة ــ

( … )

عربةٌ

يجرها الثعبانْ

ومنجنيقٌ

يقصفُ القمرْ

ــ موكبُ الخليفة ــ

( … )

بنتُ أميرِ المؤمنينَ في الطوافْ

تسألُ عن شاعرِها المليحْ

تهديهِ شرخاً في جدارٍ

كي يكونَ له ضريحْ

ــ موكبُ الأميرة ــ

( … )

هل يرتقي سلالمَ الصبوةِ

أم

يهبطُ نحو شرفةِ الحدْسِ ؟

يحلبُ ضرعَ الأرضْ ؟

ويملأُ الدلاءَ بالمسِّ

ــ موكبُ الشاعر ــ

( …)

أوقدتُ أغنيتي

كي استضيءَ بها

وفي حطاميَ

لم أعثر على جسدي

أعمىً

تلمستُ أعراسي

فلم أرَ حنّاءً لمعنايَ

أو طيناً

يعيدُ إليَ سريَ

أو يدي

لم اهتدِ

بشراعٍ

لا يكبّلهُ برٌّ

ولا لجّةٌ تغريهِ بالنزقِ

غيّرتُ قافيتي

حينَ انتهيتُ إلى

البحرِ العسيرِ

ولي

سفينةٌ غرقتْ في راحةِ الكأسِ

والنوتيُّ سكرانُ في شدوٍ

وفي شبقِ

طفقتُ

أتبعُ ظلاً لا يطاوعني

وامتطي مهراً

يعدو

وخلفه أمهارٌ

على الورقِ

ــ من خطبةٍ لدونكيشوت ــ