حنين في روما

يتثاءب جسمك في خلدي

فتُجن عروقْ،

عريان تزلَّقَ في أبدِ

تُنهيه الرعشة، فهي شروق

في ليل الشهوة. كل دمي

يتحرق، يلهث، ينفجر،

ويقبِّل ثغرك ألف فمِ،

في جسمي تُنبِتُها سَقَرُ،

وأحن، أتوق.

•••

وأحس عبيرَك في نَفَسي

ينهدُّ، يدندن كالجرسِ.

•••

ووليمة جسمكِ يا واها،

ما أشهاها!

•••

يا فجر الصيف إذا بردا،

يا دفء شتائي، يا قبلًا أتمناها،

أحيا منها، وأموت بها، وأضم الأمس

أمسُّ غدا.

•••

وتعود اللحظة لي أبدا.

ما أنأى بيتكِ ما أنأى عينيكِ بحار،

وجبال دم: زَمنٌ جمدا

ليعود مدى. وأجنّ، أثار،

فأحسُّ عبيرك في نَفَسي

ينهدّ، يدندن كالجرس.

ما أسعدها، ما أشقاها؟!

أرضي، آسية العريانةْ،

أنا في روما أبكيها وأعيش بذكراها،

ألأنك فيها أهواها؟

•••

من جوع صغارك يا وطني، أشبعتَ الغرب وغربانه.

صحراء من الدم تعوي، ترجف مقرورةْ،

ومرابط خيل مهجورةْ،

ومنازل تلهث أوَّها،

ومقابر ينشج موتاها.

•••

وأحسُّ عبيرك في نَفَسي

ينهدُّ، يدندنُ كالجرسِ،

لو شئت لطيفك أوروبا

وطنًا، لحملت معي زادي،

وعبرت مرافئها، وطويتُ شوارعها دربًا دربًا،

أسقيه الشمس وأطعمه قُبلًا وبراعم أوراد.

لكنك أثبتُ في الشرق …

سأعود فأقطع سلَّمنا وثبًا؛

لأضمَّك يا أبد الشوقِ.

يا نور المرفأ يهدي القلب إذا تاها،

يا قصة عنترَ إذ تروى حول التنُّور فأحياها،

سأحسُّ عبيرك في نَفَسي،

ينثال ويقرعُ كالجرَسِ.

روما، ١٩ / ١٠ / ١٩٦١