أزح عن صدرك الزبدا

أزحْ عن صدرِكَ الزَّبدا

ودعْهُ يبُثُّ ما وَجَدا

وخلِّ حُطامَ مَوْجِدةٍ

تناثَرُ فوقَه قِصَدا

ولا تحفِلْ فَشِقشِقَةٌ

مَشت لك أن تَجيشَ غدا

ولا تكبِتْ فمِن حِقبٍ

ذممتَ الصبرَ والجلدا

أزحْ عن صدرِكَ الزَّبدا

وقلْ، تُعِدِ العُصورُ صدى

أأنت تخافُ من أحدٍ

أأنت مصانِعٌ أحدا

أتخشى الناسَ، أشجعُهُمْ

يخافُك مغضباً حَرِدا

ولا يعلوكَ خيرُهم

ولستَ بخيرهم أبدا

ولكنْ كاشفٌ نَفساً

تُقيم بنفسِها الأودا

كنسجِ الدرع واثقةً

بكون عُيوبِها الزَردا

سيُطريها، إذا انتُقدت

مساوئها، من انتقدا

أزحْ عن صدرِكَ الزَّبدا

ونَهْنِهْ لاعِجا رَقَدا

أعد للنبع سَلسَلَهُ

وزحزحْ آسناً رَكَدا

فغيرُك مَن إذا أكدى

ترضى الناسَ والبلدا

تركتَ وراءَك الدنيا

وزُخرُفَها وما وَعَدا

وما منَّتْكَ مثقلةٌ

بما يُغريك أن تلدا

ورُحتَ وأنت ذو سعةٍ

تُجيع الأهلَ والوَلدا

ظلِلتَ تصارعُ الأسدا

تريدُ المجدَ والصّفدا

وتطمعُ تجمعُ القمرين

فخرُهُما أن انفردا

ولولا ذا لما وُجدا

ولو وجدا لما افتُقدا

عجيب أمرُك الرجرا

ج لا جَنَفا، ولا صَدَدا

تَضيق بعيشةٍ رغدٍ

وتهوى العيشةَ الرغدا

وترفِضُ مِنةً رَفَها

وتُبغِض بُلغةً صردا

وتخشى الزُّهدَ تَعْشَقُهُ

وتعشَقُ كلَّ من زهِدا

ولا تقوى مصامَدةً

وتعبُد كلَّ من صَمَدا

ويدنو مطمحٌ عَجَبٌ

فتطلُبُ مَطْمَحاً بَعُدا

ويدنو حيثُ ضِقْتَ يدا

وضِعتَ سُدى، وفات مدى

أفالآنَ المُنى مِنَحٌ

وكانت رغوةً زَبَدا ؟

وهَبْك أردتَ عودَتَها

وهَبْك جهِدتَ أن تجِدا

فلستَ بواجدٍ أبدا

على ” السَبعين ” مَا فُقِدا

أزحْ عن صدرِكَ الزَّبدا

ولا تتنفسِ الصُّعَدا

ولا تحزَن لأن قطعتْ

يداك الزنْدَ والعَضُدا

وأن العيشَ منهزةٌ

وأن التضحياتِ سدى

وأنك تُطعِمُ الأيا

مَ يومَ الأحمقِين غدا

وماذا ؟ بعدَما دَرَجت

كحبات السنَا بَدَا

رؤىً كسرابِ خادعة

تُقرب منه ما ابتعدا

ومهما تبتدعْ صُورا

مجنحةَ الرؤى جُدُدا

فما لك غيرُ واحدة

بها في ” عبقر ” وُعِدا

دمٌ حِلٌ لمن فصدا

وروحٌ تأكل الجَسدا

وبشرى لا تُحس بها

بأنك تزْحَمُ الأبدا

وهل رد الحياةَ دماً

لميت أنه خلَدا

كفرتُ ولم أكنْ يوماً

بأولِ مؤمنٍ جَحَدا

بكل الناس مجتَمعا

وكل الفكر معتَقدا

فذا يعيا بمن وُجدوا

وذاك يلُف من وَجَدا

وينهد ذا على فزع

ويقنِص ذاك من نهدا

ويلتقيان في شَبَح

يمُج البؤسَ والعُقَدا

ويغدو الفكرُ بينهما

ذليلا يخدُم الْمَعِدا

أزحْ عن صدرِكَ الزَّبدا

وهَلْهِلْ مُشرِقاً غَرِدا

وخل ” البومَ ” ناعبةً

تقيءُ الحقد والحسدا

مخنثَة فأن وُلدت

على ” سقْط ” فلن تلدا

سيُنهي ” الفجرُ ” وحشتَها

ويُلحِقها بمن طَرَدا

ويا خِلاًّ بَرِمتُ به

إذا حاججتُه اجتهدا

ألا أُنبيكَ عن نكدٍ

تُهَوِّنُ عنده النكدا

وردتُ وبيءَ جاحمِهِ

ولا أرضاك أن تردا

بمجتمعٍ تثير به

ذئابُ الغابة الأُسُدا

عراةُ وهو مشتملٌ

على أكتافه اللِّبدا

ولو لم يَثنِه إلفٌ

مرى شِدقيه فازدردا

وخلق واخز خشن

قتادَ الشوكة اختضدا

كأنك تزرع ” الموت “

بأعينهم لمن حَصَدا

وكابوساً على مَهَل

يلُف حبالَه مسدا

خفافيشٌ تبِصُّ دجىً

وتشكو السَّحرةَ الرمدا

ويُعمي الضَوءُ مقلتَها

فتضربُ حوله رَصَدا

وقُطعان بِمَدْرجةٍ

تُجَمِّعُ حولها النَّقَدا

تَزيغُ عيونُها فَزَعا

تخافُ الذئبَ أن يَفِدا

وصَلْفٍ مُبرقٍ خَتَلا

فإن يَرَ نُهزَةً رَعَدا

يزورُك جُنحَ داجيةٍ

يُزير الشوقَ والكَمَدا

فإن آدتْكَ جائحة

أعان عليك واطردا

مشى بلسانهِ شللٌ

ورانَ عليه فانعقدا

يمزِّقُ فيك مُجتمعاً

ويُسْمِنُ منك منفردا

فليت مشاهداً خَرِسا

فداءُ مغيّب شَهِدا

و ” بطن ” ! ينتجُ الشعرا

ءَ لا تُحصيهمُ عَدَدا

مَدب الدّود من أصفى

ومن أخوى، ومن بَلُدا

يوزِّعُهمْ على ” العشرات “

أكواماً بها نَضَدا

ويفرِزُهُمْ كأن به

طبيباً يفرِز الغُددا

يخالُ الشعرَ مزرعةً

تُجِدُّ فسائلا عددا

تُرى أبدا مواسِمَها

طرائقَ، فُصِّلت، قِدَدا

وآخر يشتِم الجمهو

رَ لف عليك واحتشدا

ويُلغيه كأن له

بأن يُلغي الشموسَ يدا

يَعُد الشعرَ أعذبَه

إذا لم يجتذبْ أحدا

وما غنى ملحنَه

وعيرَ الحي والوَتِدا

وشعرٍ خيرِ ما وَصَفُوا

لحرانٍ إذا ابتردا

كطعمِ الماء، تسمعه

كأنك تقضَمُ الجَمدا

تحضَّن ربَه هَمَلٌ

موكلةٌ بما كسَدا

حفاة بئس ما حَذِيَتْ

اديماً خائساً سُرِدا

ابا الوثبات ما تركت

لجُرْدِ الخيل مطَّردا

يَضِج ” الرافدانِ ” بها

ويحكي ” النيلُ ” عن ” بردى “

ويهتِف مَشْرقُ الدنيا

بِمَغرِبها إذا قصدا

ومن ستطول مدَّتُه

بما تتجاوزُ المُدَدا

عيونُ الشعر تضمنُها

عيونٌ تأنفُ الضَّمَدا

ويأبى أن يجِفَ دمٌ

طَهور دمٍ به رُفِدا

ويا من أتعبَ الناس

وخفقَ البرق والبَردا

ترفَّعْ فوق هامهُمُ

وطِرْ عن أرضهم صُعُدا

ودرْ في بُرج كوكبة

تنورَ منك واتقدا

وكن كعِهادِ ماطرةٍ

سقى، ومضى كما عُهِدا

ودعْ فُرسانَ ” مطحنةٍ “

خَواءٍ تفرغ العدَدا

ألم تر سيفَ ” كيشوتٍ “

كسعفِ ” النخلةِ ” ارتعدا

ولا تحقِدْ فما خُلِقَتْ

يداك لرجمِ مَنْ حَقَدا

فلا ذَمّاً لمن جَحَدا

ولا حَمْداً لمن حَمِدا

وغافين ابْتَنَوا طُنُبا

ثوَوا في ظِله عَمَدا

رضُوا بالعلم مرتفَقا

وبالآداب متَّسدا

وجابوا عالم الفصحى

ولمُّوا منه ما شرَدا

فهم إن عُمِّيَتْ سُبُلٌ

يرَوْن اللاحبَ النَّجَدا

وهم لا يبسُطون يدا

تَمِيزُ الغَيَّ والرشدا

وهم يَرثُونَ من صَلحوا

وهم يخشَوْن من فَسَدا

يرَوْن الحق مهتضَماً

وقولَ الحق مضطهَدا

وأمَّ ” الضاد ” قد هُتِكَتْ

وربَ ” الضاد ” قد جُلِدا

ولا يُعْنَونَ، ما سلموا،

بأيةِ طعنة نُفِدا

بهم عَوَزٌ إلى مَدَدٍ

وأنت تُريدهم مَدَدا ؟

أزحْ عن صدرِكَ الزَّبدا

ودعْهُ يبُثُّ ما وَجَدا

وقل : يا نفسُ لا تَردِي

على أعقابِ من وَرَدا

ويا غرراً محجلةً

سعيتُ بها لمن قَعَدا

أثرتِ غُبارَ حَلْبتها

على صنمٍ فما عُبدا

خُذي مسعاكِ واستبقِي

مسافَ الشوطِ والأمَدا

وعاذِرة إذا عَثَرت

صواهلُ تَنشُدُ الجَدَدا

وحسبك رَكْعةٌ عَرَضَتْ

وكم من راكع سجدا