حبست على اللهو قلبا طليقا

حبستُ على اللهو قلباً طليقا

وقمتُ أُحيّي الخيالَ الطرُوقا

لدى روضةٍ قد كساها الربيعُ

من النور والزهر بُرداً رقيقا

عليها الصبا سحبت ذيلَها

وذرَّت من الطيبِ مِسكاً سحيقا

تروقك إن مرَّ فيها النسيمُ

منها يلاعبُ غصناً وريقا

كأَنَّ الغصون إذا الوِرق غنَّت

على الأيك نشوانُ لن يستفيقا

إذا اعتنقت طرباً خِلتهنَّ

شقيقاً يعانقُ شوقاً شقيقا

عشيَّة لهوٍ بها الدهرُ جادَ

بها عادَ عيشي غضًّا أنيقا

أمنتُ بها الدهرَ حتَّى كأنِّي

أخذتُ على الدهرِ عهداً وثيقا

سررتُ بها غير أنَّ الحبيب

فقدانُه ساءَ قلب المشوقا

فكنت إذا قلبي اشتاقه

لأرشفَ فاهُ رشفت الرحيقا

وأعتنقُ الغصنَ عن قدِّه

وألثمُ عن وجنتيه الشقيقا

فما زلتُ أجني ثمار السرور

وأقضي به للغرام الحقوقا

إلى أن رأيت الصباحَ انتضى

على مفرق الليل عضباً ذليقا

مضى الليلُ يدعو النجاءَ النجاءَ

والصبحُ يدعو اللحوقَ اللحوقا

فقمتُ ولم أرَ ممَّا رأيتُ

شيئاً أكفكفُ دمعاً دفوقا

وقد كنت أحسب طرفَ الزمانِ

من سكرة النوم بي لن يفيقا

فيا لائمي إن ذكرتُ العقيقَ

ولولا الهوى ما ذكرت العقيقا

تذكَّرتُ من كنت ألهو به

فصرت لكتم الهوى لن أُطيقا

لئن بانَ جسمي عنه فقد

تخلَّف قلبي فيه وثيقا

فليت غدت حالباتُ الربيع

حياها على غيره لن تُريقا

فنسقي به مُرضِعات الربيع

رضيعَ الخمائل ماءً دفوقا

ففي كلِّ يومٍ بأطلاله

تغادرُ قلبَ المعنَّى خفوقا

إذا ما رشفت لمى ثغرها

تَعافُ الصبوحَ له والغبوقا

ترى البدرَ والغصنَ والظبيَ

والنقى والعقيقَ بها والرحيقا

محيًّا وقدًّا وجيداً وعيناً

وردفاً ثقيلاً وثغراً وريقا