إليك وقد كلت علينا العزائم

إليكَ وقد كلَّتْ علينا العزائمُ

سرتْ بتحيَّات المشوقِ النسائمُ

تحاكمنَ في دعوى التفوُّق بالشذا

إليك وكلٌّ طيباتٌ نواعمُ

ولا مدَّعٍ عنِّي سوى خالص الهوى

ولا شاهدٌ إلاَّ العُلى والمكارمُ

وأغلبُ ظنِّي أن خلقكَ للتي

حكتْ طيبه وهي التحيّات حاكمُ

أما وأيادٍ أوجب المجدُ شكرَها

بها لم تنبْ عن راحتيكَ الغمائمُ

لأنتَ الذي منهُ تردُّ أُمورنا

إلى عالمٍ ما فوقه اليوم عالم

إلى خيرِ أهلِ الأرض بِرًّا ونائلاً

وأكرم مَن تثنى عليه المكارمُ

منارُ هدًى لولاهُ لاغتدت الورى

بمجهل غيٍّ ضمَّها وهو قاتمُ

وسيف هدًى يمحو الضلالةَ حدُّه

ويثبت منه في يد الدين قائمُ

وعار من الآثام عفَّ ضميره

وكأسٌ من التقوى من الذكر طاعمُ

وجدناه ما يأبى الزمان بمثله

وهل تلد الأيامُ وهي عقائمُ

فتًى أظهرَ اللهُ العظيم جلاله

وليس لما قد أظهرَ اللهُ كاتمُ

وشادَ برغم الحاسدينَ علاءه

وليس لما قد شادَه اللهُ هادمُ

وذو هيبةٍ لو أُشعِرَ الليثُ خوفها

لما ثبتتْ في الأرض منه القوائمُ

وأردفها أخرى فكانت عظيمةً

أُقيمت لها فوقَ السماء المآتمُ

وحزتَ ثواباً لو يقسَّم في الورى

لحطتْ به في الحشرِ منها الجرائمُ

فأنتَ لعمري أصلبُ الناسِ كلّها

قناةَ عُلًى لم تستلنها العواجم

وأوسع أهل الأرض حلماً متى تضقْ

لدى الخطب من أهلِ الحلوم الحيازمُ

عنت لك أهلُ الكبرياء وقبَّلتْ

ثرى نعلك الحسَّاد والأنف راغمُ

ترى علماء الدين حتفاً تتابعوا

وحسب الهدى عنهم بأنَّك سالمُ

فأنت بهذا العصر للخير فاتحٌ

وأنت به للعلم والحلم خاتمُ

وأنت لعمري البحرُ جوداً ونائلاً

وأنملك العشرُ الغيوث السواجمُ

فيا منفقاً بالصالحات زمانه

فداً لك من تفني سنيه المآثمُ

بقيتَ بقاءً لا يحدُّ بغايةٍ

وأنت على حفظ الشريعة قائمُ

ولو قلتُ عمر الدهر عمَّرتَ خلتَني

أسأتُ مقالي ذلك الدهر خادم

تنبَّه لي طرفُ التفاتك ناظراً

إليَّ وطرفُ الدهر عنِّي نائمُ

فأدعو لنفسي إن أقل دم لأنَّني

تدومُ لي النعما بأنَّك دائمُ

فما أنا لولا روض خلقِك رائدٌ

ولا أنا لولا برقُ بشرِك شائمُ

ودونكها غرَّاء تبسم لؤلؤاً

من القول لم يلفظه بالفكر ناظمُ

فرائدُ من لفظٍ عجبتُ بأنَّني

أبا عذرها أُدعى وهنَّ يتائمُ

ومدره قولٍ يغتدي ولسانه

لوجه الخصوم اللد بالخزي واسمُ

ينال بأطراف اليراع بنانه

من الخصم ما ليست تنال اللهاذمُ

فأقلامه حقًّا قنا الخطّ لا القنا

وآراؤه لا المرهفات الصوارم

حمى اللهُ فيه حوزة الدِّين واغتدت

تصانُ لأهل الحقِّ فيه المحارمُ

فيا منسياً بالجودِ معناً وحاتماً

ألا إنَّ معنًى من معانيك حاتمُ

محياكَ صاحٍ يمطر البشرَ دائماً

وكفُّك بالجدوى لراجيك غائمُ

وتخفض جنحاً قد سما بك فارتقى

إلى حيث لا بالنسر تسمو القوادمُ

تداركَ فيه اللهُ أحكامَ ملَّةٍ

قد اندرست لولاكَ منها المعالمُ

ألا إنَّ عينَ الدين أنت ضياؤها

وأنت لها من عاثر الشرك عاصمُ

شهدتُ لأهل الفضل أنَّك خيرُهم

شهادةَ مَن لم تتبعه اللوائمُ

وأنك ظلُّ الله والحجَّة التي

تدين لها أعرابها والأعاجمُ

وعندكَ جودٌ يشهدُ الغيثُ أنَّه

هو الغيثُ لا ما جدنَ فيه الغمائمُ

يطبُّ به الأعداء والداء معضلٌ

وترقى به الأيَّام وهي أراقمُ

سبقتَ لتفريج العظائم في الورى

فحزتَ ثناها واقتفتك الأعاظمُ

وصادمت الجُلى حشاك فلم يكن

ليأخذَ منها خطبُها المتفاقمُ

فلو لم يكن من رقَّةٍ قلتُ مقسماً

لقد قرعَ الصلد الملمُّ المصادمُ

وبالأمس لما أحدث الدهرُ نكبةً

إلى الآن منها مدمعُ الفضل ساجمُ

تلقيتَها بالحلم لا الصدرُ ضائقٌ

وإن كبرتْ فيه ولا القلب واجمُ