بمثل فخاري فليجئني المفاخر

بمثل فخاري فليجئني المُفاخر

فبي فَخَرَت دون الأنام المَفاخِرُ

وبي تُكشَفُ الجلّى وبي يُدرأ الردى

ومني لمن خاف المهالك جائر

وبي تجلب النعماء قومي ولم تطق

عليهم من الأعداء تعدو العشائر

بِيَ الحيُّ حيٌّ والأعادي هوالك

بيَ الوغد قومٌ والصغار أكابر

إذا شِمتُ برقَ الضيم من أي وجهة

غدا نحوه مني على الغور غائر

على ضامر شوهاء تعدو بضيغم

لرؤيته تبدي الخفيَّ الغمائر

له السمهري اللون خدن ملازم

له الصارم الهندي حب مسامر

له الدهر عبدٌ والسعود مساعد

له المجد دارٌ والثناء مجاور

ولست بدار الضيم أبقى وإن يكن

فمقدار قولي يا غلام نسافر

فما لي عن الأوباش لم أُمسِ قافلاً

وأبعد عن أهل الخنا وأُهاجر

جفاني أقوام لئام زعانف

وأنكر أفضالي قرود أزاعر

ولم يبق لي خِلٌّ صديق وبم يكن

بهم غير عبد الله للحقّ ناصر

يميني إذا بان الكمين من العدى

حامي الذي عند الردى أنا شاهر

مشيري إذا جَلَّت خطوبٌ فوادح

معيني إذا قَلَّت ليوث نواصر

همام فلم تأخذه لومة لائم

على الحقّ ماضي العزم ناهٍ وآمر

له زاجر من عقله سوى العلى

وليس له عن وارد الجود زاجر

إذا الوفد جاؤوا يستميمون نائلاً

عشاءً على الأعتاب والجو ماطر

هنالك يكفي حاتم بعض حشده

ويُبصِر منه البحر بالعين زاخر

شجاع إذا اسودَّ القتام وزمجرت

غيوم الوغى كانت لديه الزماجر

فيرصع رصعاً رمحه وهو ناظم

ويصرع صرعاً سيفه وهو ناثر

فترجع عنه الخيل كلمى شوارداً

نكوصاً على أعقابها تتدابر

لديه رنين القوس نغمة شادنٍ

لديه صليل السيف في الهام زامر

كريم السجايا طيب النَّجر شامخ

شريف المزايا معدن الفخر طاهر

فصيحٌ إذا أملى كتاباً فكاتب

بليغ إذا أنشأ قريضاً فشاعر

يقر له بالسبق من هو أول

ويغبطه للفضل من هو آخر

إذا أنشدَ الأبيات خلت بلفظه

سُلافاً لأرباب العقول تخامر

أديب اريب لوذعي كأنه

لدى الظنّ يدري ما تجنّ الضمائر

ذكي له توضيح كل عويصة

إذا خَطَرت واستشكلتها الخواطر

له العلم دأبٌ والمباحث ديدنلا

وفي كل ما يدري من العلم ماهر

من اللائي قد شادوا البيوت على السها

وحلوا مكان النسر والنسر طائر

وكان لهم نهر المَجرَّة مورداً

لهم وارد منهم عليه وصادر

بنو هاشم عمرو الذي ساد قومه

قريشاً بجورٍ فهو كالبحر زاخر

قليل إذا عُّدوا كثيرون في اللقا

جبال إذا شَدَّوا ليوث زوائر

فيا ابن الكرام الكاتبين بمجدهم

على صفحات الدهر أن لا يفاخَروا

ويا ابن الألى مات الندى بانتقالهم

وأنت له دون البرية ناشر

ويا أبن الأُلى ماتوا ورام جميلهم

له أبداً حي مدى الدهر ذاكر

ويا أبن الأُلى ما دمت حياً بحيهم

أناضل في وريّ لهم وأناظر

لك العذر إني ذو فؤاد مشيّع

وقد درست للهمِّ مني السرائر

فلو كان لي مثل الأنام مرارة

هلكتُ ولكن دون هميّ مرائر

وإن بقائي للمصائب عرضة

تباكر في منها خطوب بواكر

كأني وايدي النائبات تنوشني

صريع وعى صلَّت عليه الكواسر

فطوراً لحفظ الروح يرفع رجله

ليدفعها عنه وطَوراً تكاشر

فيدركه منها حداة برائن

ويدركها منه حراكٌ وزاجر

فكيف ومن ذا الحالُ أصبح حاله

على نظم شعرٍ مفلق وهو قادر

ولكن ولائي حثني ومحبتي

لكم وادّكاري العيش والعيش غابر

فأُنسيتُ ما عندي فبضَّت قريحتي

بهذا وقبلاً ماء فكري غائر

فلا زلتُ أهلاً للجميل ومنشداً

بمثل فخاري فليجئني المُفاخر