صوفية

قال لي قبل أن تتوارى أشعتهُ :

الطريق طويلٌ ،

مشقاتُه ليس تُحصى ،

ولكنه كلما طال

ضوأتِ الروح

وأخضرّ ليلُ تراتيلها

وبدا من بعيدٍ

مقام الذين رووا بالدموع السخينةِ

أشجارَ توبتهم ،

في البراري أقاموا الصلاةْ .

كنت أعرف من قبل

أن الطريق طويلٌ

ووعرٌ

ولي جسدٌ لا يطيق المشقّات

لكن روحي التي أشّرفتْ

واستنارتْ

أبت أن تعود

إلى حيث كانت محاصرة

ومسمّرةً في الوحولْ.

قبل أن تتوجه روحي

إلى الله

في رحلة الأبدية

كانت على ثقةٍ أنه سوف يقبلها

ويدثّرها بالحنان الكريم

ويغسلها من غبار الأسى

ويعيد إليها –وقد نَسيتْ نفسها

نعمةَ الإدّكار

لتعلم أن قد غدتْ

في النعيم المقيمْ .

منذ جئت إلى هذه الأرض

طفلاً

بلا لغةٍ

وبلا قوةٍ

كنت أدري بأن الذي شاءَ

أن يكسوَ العظم لحما

وأن يهبَ الجسم روحاً

سيبقى إلى جانبي

ويكون معي

ويُطمئن أحلامي البائسةْ .

حين تفتقد الروح

إيمانها

وتشك بأن الذي كان

يرعى خطاها

وحيث تكون يكونْ

قد تخلىّ…

وما عاد يحرسها

من ذئاب الظنونِ

وليل الجنونْ

فأنىَّ تتوب إلى ربها

وإلى أين تلقي عصاها

جسدي محنةُ الروح

ترفعهُ

وهو يخفضها

وتطير به في معارج

قدسيةٍ

حيث لا أعينٌ قد رأتْ

لا ولا أذنٌ قد وعتْ

وهو يحملها هابطاً

نحو عالمه الواقعي

المهين.

قبل أن تكشف الشمس

حزني

وتفضح ما خبأ الليل

من حسرتي واكتئابي .

كانت الروح تدري

بأن الذي خلق الشمس والليل

أدرى بما بي

ويسمع صوت دموعي

ويفتح لي ألف بابٍ

وبابِ.