- Advertisement -

و ها أنا أنساك

ها أنا أنساك …

أدمر هيكل الذكرى علي وعليك ..

وأترك جثة الذاكرة مشلوحة

لصقور الزمن تنهشها وتأتي عليها ..

وأصنع من سواد عينيك

حبرا لسطوري المتوحشة .

***

مرة ،

كان حبك ،

وكان حبك شراع مركب الفرح العتيق

ورحيلاً من نهر الظلمات والدم

الى جزر الدهشة وصحو مطر النجوم .

مرة ،

حبك كان عبارة “ممنوع المرور” في وجه قاطرة الحزن ،

حبك

رغيفي في قحط التكرار والسأم …

***

كان حبنا وعلاً جميلاً ، كالحرية ،

راكضاً كسهم افريقي ملون ،

لكنه حين دخل غابة الشكوك والنزق

علق قرناه في أغصان الحزن الكثيفة .

ورغم كل المرارة التي ما يزال طعمها في فمي

كالدم إثر لكمة متفجرة ،

كانت هنالك لحظات في حبنا ،

لحظات مضيئة عانقنا فيها الطفولة ،

والفرح . الفرح . الفرح .

***

ومرت أيام …

صار بيتنا الزلزال ،

واستحال حبنا إلى “هاراكيري” يومية ، ورسائلنا الى مجزرة ،

وصار حوارنا جلداً متبادلاً بصواعق اللؤم ،

وصار صوتك يخرج إلي من الهاتف

مثل لسان أفعى تسكن سماعته ! ..

يلدغني ،

واغفر … على أمل ان تشاركني ثقل الليل على صدري …

وثقل الكرة الأرضية فوق رأسي …

***

واذكر أيامنا :

مقهى وديعاً أكل البحر أطراف أعمدته …

يهزه صفير قطارات الوداع المتلاحقة ، حين جاء صفير قطارنا

كان لا مفر ،

ودعنا المقهى بصمت ، ودعنا الدرج العتيق بصمت ،

ورحلنا عن ذلك الربيع البحري .

وفرغت الصدفة من لؤلؤتها وشرارتها

وملأها الرمل والضجر والثرثرة الدامعة .

***

أتمدد على سريري ،

وأتوهم أنني نمت .

وحين يغرق في النوم قناعي

يستيقظ قلبي العاري ،

يهرب مني راكضاً في الشوارع

كزعيق سيارة الاسعاف

يركض قلبي العاري معولاً ،

مطلقاً ساقي البكاء للريح

ويغلق سكان الحي نوافذهم

ويشتمون صوت العاصفة …

إنهم لا يعرفون ان العاصفة هي غبار القلوب المنطفئة …

إن العاصفة هي صوت قلب لم يُثأر له !..

إن العاصفة هي صوت بكاء قلب ،

بدأ ينسى ، ينسى ، ينسى ،

وهو لا يريد أن ينسى .

***

لا تقل لي “ماضينا” معاً ، و”مستقبلنا” …

ها أنا أنساك …

وحبيبي اسمه “الآن” .

“البارحة” و “الغد” كلمتان

أطلقت عليهما الرصاص ،

ولن أهاجر الى الماضي لأعيش بك ،

فالهجرة الى الماضي كمحاولة الاقامة في قارة الاتلنطيد

التي ابتلعها البحر منذ دهور …

والهجرة الى المستقبل موعد غرامي فوق سهول القمر في “بحر الهدوء” عام 2020!

الآن ،

او ابداً …

وها أنا أنساك …

- Advertisement -

- Advertisement -

اترك تعليقا