عزيزة عمر هارون شاعرة وأديبة سورية، ولدت سنة 1923م، في مدينة الاذقية،ودرست في مدارسها،وتربت في مهد النعمة والفضيلة، وتلقت العلوم العربية على الأستاذ الشيخ سعيد المطره جي. شغفت منذ صغرها بالأدب، فاستوعبت دواوين العرب وحفظت مختارات أشعارهم، فتوسعت معارفها، وتعتبر هذه الشاعرة عصامية في نشأتها، فهي التي صقلت مواهبها الأدبية بما أخذته من فنون الأدب بالمطالعة والدرس، وتفتحت مواهبها الأدبية كما تنفتح أكمام الورود في سن مبكرة، فعالجت نظم الشعر المتوثب في روحها، وشدت وهي في فجر نبوغها ولما تتجاوز الثالثة عشرة من عمرها، وأبدعت في ميدانه، وبدأت تنشر قصائدها البديعة في المجلات والصحف، والتقت على صفحاتها مع الشاعرات العربيات المبرزات، وقد بلغت قمة المجد الأدبي.انتقلت إلى دمشق لتعمل في الإذاعة والتلفزيون، وتنشر قصائها في مجلات.اتسم شعر عزيزة هارون الذي دار حول ثلاثة محاور هي: الأرض والوطن، الإنسان، الغزل، بالرقة والبساطة والعفوية والأنوثة والتأثر بالطبيعة… ويرد بعض دارسيها هذه العفوية إلى بعدها عن الدراسات الأكاديمية، وكانت تعتذر عن تلك البساطة والعفوية بقلة حظها من التعليم، في حين ردهما طه حسين (1889-1973) بعد أن سمع شعرها في مؤتمر الأدباء العرب الذي عقد في بلودان 1956 إلى تأثرها بالشعر الفرنسي، ولما عرف أنها لا تجيد الفرنسية قال لها: «إن موهبتك الأصيلة نابعة من ذات نفسك، ولو كنتِ تجيدين الفرنسية لقلت إنك متأثرة بالشعراء الفرنسيين وبخاصة فرلين». تزوجت ثلاث مرات ولم تنجح في حياتها الزوجية.وقد سبب لها الإخفاق المتكرر في زواجها وعدم قدرتها على الإنجاب آلاماً نفسية قاسية تجلت في كثير من قصائدها.يتنوع شعرها بين الالتزام بالوزن والقافية، والكتابة على الشكل التفعيلي، وينتمي موضوعيًا إلى تيار الشعر التفعيلي في التعبير عن الذات، والاهتمام بقضايا الوطن، ولها في ذلك أناشيد على لسان أم فلسطينية، وعلى لسان جزائرية في جيش التحرير، وقصائد في تمجيد أول وحدة عربية بين مصر وسورية (1958)، وقصائد في استنفار همم بنات جنسها للدفاع عن بورسعيد المصرية. وفي شعرها مسحة من الحزن، وتعبير عن ذاتها وتجربتها المؤلمة مع أوضاع المرأة في المجتمع العربي في عصرها. ويتميز شعرها بالصدق الشعوري والبساطة والبعد عن التعقيد، والاتحاد بالطبيعة في نزعة صوفية وجدانية، برعت في التقاط صور ولقطات واقعية صاغتها في شعرية معبرة عن روح الأنثى وما يعتريها من حالات أمومة وفقد تتناسب وحرمانها منها. تكثر في قصائدها مفردات الحزن والدموع في توظيف فني يتناسب وأجواء القصيدة. لم يطبع ديوانها في حياتها، ثم طبعت مجموعتها كاملة بعد ست سنوات من وفاتها. توفيت عزيزة هارون في 12 فبراير 1986 م/ 3 جمادى الآخرة 1406في مشفى الشامي بدمشق، وشيعت إلى اللاذقية ودفنت بها.
السابق
التالي