عمت ضوءا وغماما

كصورتي الغائبة أنت

وَ كصوتي المتناثر حكايا

وفراشات ذكرى

وفوانيس أحلامٍ تنوسُ من وراءِ الغيب ….

آنَ نختتمُ أنباء الفجر

بقبلةٍ فوق التراب المُدمّى

وآن نختتمُ أنباء الليل

بالدّمِ المُسْتباحْ

فَسجيّةُ الحجر المُتفاني في صراخهِ

وتشظّيهِ المُقدّس،

تُثيرُ رغبتي في التكاثُر الضوئي

باتجاه عتم الغيب و المستحيل

لأرى سَناكَ الزاهِر في رياحين

أمواجي القادمة من بحار الحريّة! …

كَمْ … وكمْ نصعَدُ فينا

وإلى كلَينا

لندخلَ مهرجان القمر الطفوليَّ

الذي فينا

والذي عجنّاهُ في كلتا يدينا

من ماء الحبَّ

وتُرابِ الحريّةِ

ثمّ خبزْناهُ بِنارِ الحرْبِ

فاَثْمَرَ كصرْخةِ وليدٍ قادمٍ من كهوفِ الغيب! ….

مالِشفاهِ الوطن،

لاتقرأُ سورةَ الفرحِ القادم

عبر أسلاكِ النّورِ الإلهيّة ؟! …

هل هو شريانُ الغضب

تسيلُ دماؤهُ في طرقاتٍ

أحجارها الليل

ونسائمها الانعتاقُ من الليل؟! …

لكأنّ الليل شبحٌ

لايغفو إلاّ على أحلامه الحمراء! …

لِمَنْ نخبِّئُ أسرار شفاهنا

ولماذا نلوكُ أعشابها

ومتى تفوحُ أرواحنا المدمّاة برياحين الصّباح

وكيف نمحو بشفاهنا

ماحرّفَتْهُ قواميس الطغاةْ

وكيف نجتلي سوادَ محاصيلهم

إذ خبّأوها بانكسارات بقائهم المستحيل

على قلوبنا

وماذا نُضَمِّدُ من مواقف

وشروخَ كلماتٍ متقاطعةٍ

وغير قابلة للوصل إلاّ …

بَحبال دمائنا / المَشانِق؟!! ….

كَمْ …. وكَم

تختبئُ فينا السُّحُبُ

وكأنّنا الأفق القريب ؟…

ومن بياض نفوسنا ،

تصحو نوافذ الغد

وعلى أنفاس شموعنا ،

ينتحِبُ الليل

وفي زوايا أوراقنا المسكونةِ بالنّور،

تشتعِلُ الإيقوناتُ

وتنفخُ الملائكة قصائد المحبّةِ

على حَبْرنا المُقدّسْ

ويزعَمُ الاسفنجُ البحريُّ

أنّهُ أطْعَمَنا قطراتِ عسل الكلام ! ….

فيا صديقي …

عِمْتَ شِعْراً

وبَحْراً منَ الضّادْ

فأنْتَ دفتر الغد

احتَبَسْتُ في زواياهُ

لأتحرّر من زفراتي المندثرة ! ….

وحينَ كنْتُ في كفِّ الأمَل جنّيةً،

أصْبَحْتَني وردةَ ضوءٍ،

وأَمْسَيْتَني أميرةً للغجر!..

*             *         *

والبركانُ/ الغيابُ

سؤالٌ يلتهمنا

ويحرق الصوت والصورة

وأجِنَّةَ المَشاعِرْ ! ….

ولِسنديانة الحزْنِ رَمَقُ

لاتَشيخُ أوراقُه في غاباتنا

وللوَجَعِ المَسْحور مَنازِلٌ تدخُلُنا

فتصيرُ صحارانا نوافذ من حديدٍ

وأفلاكنا شتاتاً

وبقاؤنا سراباً

وهذياننا حاضراً

ومستقبلنا نبضاً من فتنة الرجوع ! ….

كلّما أتيتُ إلينا

عُدْتُ

وأفرغْتُ مابِجُعبتي

من فَراشاتٍ

وخواتم سحريّة

وأسماكٍ

ودمىً

وأساوِر

وكلّما أزْهرَتْ كلماتنا

وهواء أنفاسنا

وتراب أنسجتنا

وماء أحلامنا الملونة،

تساءلْتُ :

كيفَ أنفثُ في سفنِ أمانيَّ

رياح الحكمةِ و الجمالْ ! …

*                *               *

ياصديقي ….. ياكلّ أنبياء الأرْضِ

أعوذُ بدمكَ المُلْتَحِمِ بأحلامِ

صراطِ مجدِنا المُسْتقيم

وكنوز أشرعتنا المُضاءة

في نوّارةِ الغيب القريب،

مِن شانئكَ الأبْتَر! ….

أعوذُ بسلسبيلِ خُطاكَ

المزروعة بسيوف النَار

وبِنارِكَ المُتّقِدةِ بشجرةِ زيتونٍ

مِن هَمَزاتِ صنّاعِ “هُبَل”

فَوقَ أنوار ” الأقصى” ! …

وأعوذُ بأرواحِ اللحظاتِ المُلْتَهِبةِ

إذ تغفو على وهْمٍ انكسارٍ

لنْ تَصْدُق رؤياه! ….

فللأرْضِ عافيةٌ

تسير كبرهانٍ من وهْج الحقّ

المُتَبرَّئ من زعم السّادة اللاأبرار…

وللأرضِ ثورةٌ تغضَبُ

وتذرِفُ ودْقَها

ولُجَّها

وجحيمها

لتُعيد روح أنفاسها

لِمَن زرعَ روحهُ

في جذورها

*          *         *

غضبٌ على غضَبٍ …

ولَصانِعِ الوجود أنشودةٌ

يوماً … ستنشُرُ شذاها

فوق أضرحةِ الصَّباحاتِ

المُتَفجِّرّةِ بالغضبْ! ….

ويوماً ….

سنعودُ إلينا … عبْرَنا

فكلُّنا وزّادةُ كلُّنا

ياصديقي …

عِمْتَ جنَّةَ من ثوبِ الحريّة

وعِمْتَ حريّةً من عَبَقِ الأنبياء

ألْهِمْني أجوبةً لخرائط قلبي

الذي أدْمَتْهُ مِدْيَةُ السّؤال !! ..

*            *

ياصديقي ..

ياوردة روحي الصّاحية

في نزيف قلب الكون ..

دعني أسْري إليكَ من غربِ الضّباب،

إلى شرقِ الإباء ..

أيُّها الفجر المضيءُ في شراييني ..

شراشف الليل السوداء،

تثقبها نجوم عينيكَ السّاهِرة،

على مسافةِ قنبلةٍ

وزيتونةٍ

وقبلة ٍ

وتخترِق الدّماءُ طهارة ربيعكَ الزاهِر

بصلواتِ النصر القادمة !…

كَم أحبُّكَ ترتيلةً لِوطَنٍ ،

كَثُر فيه الجَّراد،

ومازلتَ أنتَ باقٍ تكتَسِحُ الوباءْ ..

كَم أباركُ التبشيرةَ العُليا لأصداء الفرح،

حين يجيءُ محمّلاً بأنفاسِ النّدى

على ساعديكَ وأنفاسك الضّوئية ! ..

هيّا افتَرشْ أجنحة الحياة هنا .. اليوم .. غداً

والعام الذي يأتي

كالغيم المحمّل بالأسرار الجامحة!..

كَم أحبُّكَ حينَ تسري قمراً في دمي

لأرى بأمِّ أحلامي المُرتَقبة،

عصفَكَ الجريء وخطْوَ روحكَ

نحو سماء المجد الأبدي!..

ياصديقي …

ارتديتُكَ مَطراً وجمْراً ودماً

نَسَجْتُكَ منّي فيكَ شالاً أبيَضَ

يكسر الريح

ويهزم جبروت أشباح الخراب الفانية ..

سينطفئون … سينطفئون …

وسيذوبون كالثلوج الرّخوة المعجونةِ بالطين،

وتبقى شعلة روحكَ صاحيةً

ليخرج البنفسجُ من تراتيل جرحكَ المرتسِم

على جدران صمْتِكَ المَهيبْ…

هالحظتي الأولى تكاثَرتْ فيها ذرى أرواحنا

المشرئبة بشموع الملائكة ..

أتبوأُ نبضي حين أقتفي سوسنات نبوَّتك

المتنامية في أصابع التراب

فَراشَتُكَ اللامرئيةُ أنا …

أنتَ . .أنتَ أنا .. نحنُ

حين نصيرُ ناراً تحرُق أبصار الشياطين السائلة

دماؤهم من عفَن خراب أيديهم وأرجلهم ..

تبّتْ يد الغُزاة .. إلى جحيمهم المُرتَقَب

فليحفروا ضيم رمسِهم بأحرف ميّتةٍ

تَبَّت أنوفُ الشياطينِ المعفَّرة

بدماء الملائكة الراحلين إلى قلب الله ..

تَبَّ سِفْرُ خِزيهم القادم

وهو يدفن أوراقه السوداء في بياض الطفولة ..

تَبَّ الجدارُ ،

تخسفه الحقيقة العلوية لقدسية الوطن..