المعري يخرج من ذاكرة التاريخ

إلى

الذي لم يجن على أحد

فجنت عليه رؤاه

     إلى

الشاعر الذي رأى بعتمته

فأضاء جهل معارفنا

*

رحلة الوقت

*

رحلةُ الوقت ِ في طريق الرمادِ

أتعبتني فتاه فيها مرادي

ضاع نجمي وكان يرمح سحراً

فتواريتُ خلفَ برجِ السهادِ

عبثاً كنتُ أنثرُ الشوق ريحاً

وأُواري  نِصالهُ في الفؤادِ

أرّقتني  رسائلُ   الصمتِ  دهراً

  فتهادى إليَّ صوتٌ ينادي :

لا تهيمي  فتلك رحلةُ تيهٍ

تسلبُ الروحَ من لذيذِ الرقادِ

كيف لي أن أسير نحو خلودي

ضاع سرّي والقلبُ في الأصفادِ

كم تلمستُ في البكاءسبيلاً

ضاع مني السبيلُ خلف الحدادِ

هل سبيلٌ سواه يشفي غليلي

يا رهين الكلام بين المدادِ

من دموعي تنزل الصوتُ جرحاً      

   ” غير مجد في ملّتي واعتقادي

  والخلودَ الذي نروم هباء ً

” نوح باك ولا ترنم شادِ “

قلتَ أغفو مع الفراغ لعلّي

أُنقذ النفس من مدار النفادِ

لم يعد لي من الزمان أمان

ها نفضنا من الزمان الأيادي

وانتشرنا نهيم خلف سراب

فاستطالت مع السراب البوادي

غادرتنا الرؤى وضاع هوانا

فضللنا السبيلَ نحو الرشادِ

” تعبٌ كلها الحياة فما أع

  جب إلا من راغب في ازديادِ ”

أيّ سر كشفتَ حتى أبانت

عابثاتُ الحياة في كل وادِ

هل تنبأتَ بالحوادث صمتاً

فكفاكَ الكلام دون العبادِ

قلتَ : لم أجن فانفردت وحيدا

ساكنَ الليل دون أي عنادِ

وتيقنت أن في العيش سراً

خافياً في مداره غيرَ بادِ

فاحتملتَ الحياة دون عناءٍ

وتركت الأحلامَ في الأعيادِ

كنتَ تمشي على التراب خفيفاً

حين مات الهوى وصاح المنادي:

” خفف الوطء ما أظن أديم ال

 أرض إلا من هذه الأجسادِ “

أورثتكَ السنون سرّ رؤاها

فتماهيتَ في رؤى الأبعادِ

عانقتكَ البلاد في كل أرض

فتواريتَ خلف سرّ البلادِ

قلتَ : زادي من التراب نباتٌ

يجعل النفس صفوةَ الأجسادِ

رحمة بالحياة خلّوا دماها

واتركوا الكونَ أبيضَ الأمجادِ

آه لو جئت كي ترى ما فعلنا

أكلتنا الخطوب أكل الجرادِ

لم تعد في القلوب نبضةُ حبٍ

جفّ نبعُ الحنانِ والقلب صادِ

فاض فينا الدمار حتى كأنّا

قد جمعنا الدمارَ من عهد عادِ

أرّقتنا الدموع والليل جاثٍ

فوق أرضٍ تخرّ فوق الرمادِ

يارهين الحياة هل من سبيلٍ

كي تعود الجياد خلف الجيادِ؟