عنقود عنب

..

( لما آذى سفهاءُ الطائف نبيّنا ، عليه الصلاة والسلام ..

أوى إلى شجرةِ عنبٍ ، يُناجي ربّه جلّ وعلا ، في ظلها ..

فأقبل خادمُ البستانِ ، عدّاس بقِطفِ عِنب ، ووضعه بين يدي الرسول الكريم ..

فمَدّ يمينه ، و هو يقول :

( بسْم الله ) .

فقال عدّاس : إنّ هذا الكلام ، لا يقوله أهل هذه البلاد ! .

قال الرسول :

( ومن أيّ البلادِ أنت يا عدّاس ) ؟.

قال : أنا من أهل نينوى .

قال الرسول :

(من قريةِ الرجلِ الصالح ِ يونُسَ بن ِ متّى ؟! ).

قال : وما يُدريك ما يونُسُ بنُ متى ؟.

قال الرسول :

( ذاكَ أخي ..

كان نبيّاً .. وأنا نبيّ ..) ..

فأكبّ عدّاس على يد الرسول ، صلى الله عليه وسلم ،

يقبلّها ، معلناً شهادة التوحيد ) .

كانَ عُنقـوداً ندِيّـا

رائعَ الحَـبِّ ، شهِيّا

قد تَحَلّى .. وتَدَلّـى

مُشرقاً مثلَ الثريّا

لم يكنْ يَحسَبُ يوماً

أنْ يكونَ القِطْفُ شَيّا

غيرَ عُنقودٍ سيُجنى

ثم يُطوى الذِّكرُ طَيّا

قال عَدّاسُ الكريـمُ

أيّها القِطفُ ! إِلَيّا

زارَنا ضيفٌ عظيمُ

وجهُهُ طَلْقُ المُحيّا

قُمْ بنا نَسعـى إليـهِ

نَرتوي بالنّور ريّا

نَرتمي بيـن يديـهِ

قُمْ بنا نسمو سويّا

أيها العنقودُ ! هيّـا

نَدخلِ التاريخَ .. هيّا

لم نكنْ نحلُمُ يومـاً

أنّنا نلقـى النبيّا !

( صلاة ربي وسلامه عليه .

بذا أضحى ” عنقود عداس ” أسعد عنقود عنب في التاريخ ..

وبذا سلك عدّاس في عداد الصحابة الكرام ..

الذين هم أنقى وأتقى وأذكى جيل عرفه التاريخ ..

ويعلّق الرافعي ، على قصّة هذا العنقود ، فيقول :

(ثم أتمّ القدَر رمزَه في هذه القصة ، بقِطف العنَب سائغاً عذْباً ، مملوءاً حلاوة ..

فباسْم الله كان قطفُ العنب رمزاً لهذا العنقود الإسلامي العظيم الذي امتلأ حَبّاً ..

كلّ حبّة فيه مملكة ) ..

أما أنا ، فقد عشتُ هذه القصة في عصر يومٍ شتويٍّ من أيام رمضان ..

فأمسكتُ بالروح القلم ، وفاض العطاء ، وكُشف عن الحبر الغطاء ..

ولما كتبتُ القصيدة ، شعرتُ بظمأ شديد لحبة عِنب ! ..

فجُبتُ أسواق حمص ، لكن لم تسعفْني كلُّ أسواق المدينة ..

وبقيتُ ظامئاً إلى حلاوته ، حتى جاء الموْسمُ ثم الموسم ..

ولمْ يروِ ظمأي بعدُ كلُّ أعناب الكروم ..

فيا لَحلاوة حبّاتٍ ذابتْ في ثغر السيّد الأمين !

صلاة ربي وسلامه عليه ..

أسألُ الله تعالى أن يجمعنا جميعاً في ظل العناقيد ، تحتَ دالية من دوالي الجنة ..

صحبةَ المصطفى والأنبياء الكرام ..

عليهم الصلاة والسلام ..

وعليّ أنا قَطفُ العِنب .. )..