أيصحو عاشق أم يستفيق

أَيصحو عاشقٌ أَم يستفيقُ

لأَصحوَ أم ترى يسلو مشوقُ

وَمَنْ يك مستهاماً بالغواني

فذاك بأَنْ يَضُلَّ بها خليق

وَمن يك هائماً في مثل حبي

فإِنَّ به التصبّر لا يليق

أأَسلو أَمْ أُصَبِّرُ عنه نفسي

وَعودُ صبابتي غضٌ وَريق

فهطْلاً يا سماءَ الجفنِ هَطْلاً

فقد لمعتْ من الذكرى بروق

وَيا عيني اسعدي أَنْ بتُّ شوقاً

أُريقُ من المدامعِ ما أُريق

وَيا قلبي الذي ما زال مضنى

ليزددْ فيك يا قلبي الخفوق

فَقَدْ أَصبحتُ لا أَخشى ملاماً

وَهل يخشى من البللِ الغريق

وَربَّ مليحةٍ كالبدرِ وَجهاً

تَغَنَّتْ بالصبا فصبا العشيق

يدبُّ غناؤها في كلِّ عضوٍ

وَأنملةٍ كما دبَّ الرحيق

ترانا من سُلافةِ صَوْتِها قَدْ

ثملنا للتكلّمِ لا نطيق

سكوتاً والهوى قد نابَ عَنّا

وَما غير الهوى فينا نطوق

وإذْ رقصتْ فهزَّتْ غصنَ بانٍ

يأَوِّدُه الهوى وَبه يحيق

جَرَتْ من حبها في القلبِ مني

مياهٌ واستقتْ منها عروق

كأني وَهي فاطمةُ (ابن حجر)

(بدارة) إذْ يقلّهما الفنيق

يجيشُ الشعرُ في صدري وَلكنْ

عَنْ أعرابِ الصبابةِ قد يضيق

إليكَ إليكَ أشكو أَنَّ قلبي

وَدمعي ذا أَسيرُ وَذا طليق

وَإني مذْ نأيت أَخو اكتئابٍ

قريحُ الجفْنِ في دمعي شريقُ

وإنَّ النَّومَ ينفرُ عن جفوني

كما نفرتْ عن الصبِّ العَلوق

فَلَوْ تك ناظري والسقمُ منّي

عَلَى قابٍ وإِبلالي سحيق

تقلِّبني يدُ الأدواءِ بطناً

إلى ظهرٍ لتلقفي علوق

أَراعكَ منظري وشجاكَ حالي

وسالَ بدمعِ ناظِرك العقيق

ولكني أَراكَ نسيتَ خدناً

عَلَى السرّاءِ والضرا صديق

إذا ذكرَ التئام الشملِ أَمسى

يكاد تشوّقاً وجدي يسوق

فإِنْ يكُ حبلُ ودِّك ذا انصرام

فإنَّ الحبلَ من ودّي وَثيقُ

وإِنْ أَضحى وما عهدي مشوباً

فوُدّي لا مشوب ولا مذيق

أتنسى يوَمنا بالدَّيرِ صُبحاً

وَهامُ الأُفْقِ كَلَّله الشُّروق

إِذِ النَاقوسُ يُقْرعُ والعذارى

تُرَتِّلُ والنُّفوسُ لها تَتوق

وَأيّاماً (بزَحلةَ) قد تَقَضّى

لنا عيشٌ بها غَضٌّ أَنيق

فقدْ قَسَّمْتَ قلباً في رُباها

لقد كادتْ تغصُّ به الحلوق

فريقٌ منه عندك يا ابنَ وِدِّي

وعند كعابِها منه فريق

وفي (دير النَّجاة) غداة كنّا

تَكَبَّلَ بِالهوى السدمُ المشوق

أَفول وقد بدتْ للعينِ عِينٌ

ووِلدانٌ لناظرها تروق

أهذي جنَّةُ الفرْدوس أَم ذي

رُبى (البردون) لولا الجاثليق

فدعْ عنك الخيالَ وعدْ لعتْبٍ

عَلَى مَنْ لي بصحبته وثوق

سأبقى عارضاً للعتْبِ رمحاً

كماجا عارضاً رمحاً شقيق

أَنسيانٌ بربِّك أَم تَناسي

سكوتُك ما عهدت كَذا الصَّديق

تذكَّرْ بالحديقة منْ (دمشق)

عهوداً كاد يُغضبِها العُقوق

إذا بالقربِ منّا كلُّ خودٍ

غنى منها عَن الصَّهْباءِ ريق

ولا تنْس المواثقَ إِذْ سرينا

بليلٍ وَجهُه داجٍ غسوق

إلى نادٍ يضمُّ دمى وعينا

وإذْ أَنَّ السُّرى منّا عنيق

سأثني من عنانِ العُتبِ آنا

عسى لك منْ شؤونك ما يعوق

وإلاّ فالقوافي طائعاتٌ

وإنَّ جَوادَ أشعاري سَبوق

أَنا اللَّسِنُ البليغُ ولا ادِّعاءٌ

أنا الزيرُ المشوق ولا فسوق

وها أنا ما قرضتُ الشعرَ كيما

يُقالُ لشاعرٍ فطنٌ ذَليق

فإنَّ مقامِيَ السّامي مقامٌ

يخرُّ لعزِّه الطَّوْدُ الزليق

ولكن في ودادكَ جاءَ عفواً

كما تقضي الصَّداقةُ والحقوق

كذلك فليكُنْ لفظٌ رَشيقٌ

وَمعنى رائقٌ بِكرٌ رقيق

فإنْ أَحسنت فالإِحسانُ دأْبي

وهَل غيري به أَبداً حقيق

وإِنْ يَكُ لا فعندي كلُّ همٍّ

يضيقُ ببعضه الفطن اللَّبيق

أَلا قَدْ أَحْرَجَتْ صدري هُمومٌ

أَرى صدر الفضاءِ بِها يضيق

وفي الختمِ السَّلامُ عليكَ مِمَّنْ

يراك بأَنَّك الخِدْنُ الصَّديق