نزه إلهك أن يرى كي تعرفه

نَزِّه إلهك أن يُرى كي تعرفه

أتُراكَ تعرفه وتُثبتُ ذي الصفه

واعرف مقامك دون ما حاولتَهُ

إن التي حاولتَها لك متلفه

أتعبتَ نفسك في ظنون قُلبَّ

والحق إن ظنوا وهمك مخلفه

فيها توحِّدُ وتجعله لأغ

راض الطبيعة عرضة مستهدفه

رَمزتَ عن تجسيمه ونصبتَهُ

غرضاً لعينك من وراء البلكفة

وأحلت كيف وما وأين وشبهها

وعبدتَ ذاتاً بالحجاب مكنفه

هذا التناقض في اعتقادك شاهد

يقضي عليك بأن دينك عجرفه

إن كنتَ تعقل ما تراه فهذه

ماهِيّة محدودَة متوقفه

أو لستَ تعقله فأنتَ مخلط

دَرك ولا درك فأين المعرفه

إن قلتَ معلوماً أحطتَ بذاته

وَجَعَلتَ عَجزَكَ قدرة متصرفه

أو قلتَ مجمولاً فأنتَ معطل

أعبدتَ مجمولاً وعطلت الصفه

أتْبت إدراك العوارض ذاته

إن كنت درك العين لن تستنكفه

يستلزم الادراك ويلك مُدركاً

متحيزاً ذا صورةٍ متكيفه

تنفي التحيز والحلول وتُثبتُ

المستلزم المنفي ما هذا السفه

إن قلت أمر خارج عن فهمنا

وأتيتنا بقضية متكلفه

فإليك لو جردتها عقلية

لرأيتَ نفسَكَ في الهوى متعسفه

إن كنت تدركه بغير وسيطةٍ

فالفعل ليسَ لفاعل لن نعرفه

أولاً فأيُّ وسيطة تسطو بها

فترى عياناً ذاته متكشفه

وحديثكم يقضي برؤيتكم له

بالعين لا حسٍّ سِواها عَرّفَه

رِدفاً لقول اللّه ناظرة وما

في حجتيك على ادعائك معرفه

هب أنني سلمت فهمك منهما

أين استقرت منهما تلك الصفه

هل اتيتا إلا لعينك رؤيةً

حملاً على بهتان أهل السفسفه

تركوا المجاز على هواهم ها هنا

وتقلدوه في أمور متلفه

أترى مجازاً في الجوارح سالماً

إن كنت في هذا المقام معنفه

تأبى حقيقة الاستواء لذاته

إلا هنا للزومها متالفه

أوجبت رؤيته فأوجب سمعه

وعليهما فله الذي لك من صفه

إن قلت قد سمع الكليم كلامه

أترى حقيقة ذاك صوتاً عن شفه

كلا لقد خلق الالهُ لاذنهِ

صوتاً فعرفَهُ بهِ ما عرّفه

إن قستَ رؤيته على تكليمهِ

لزم الحدوث لمدرك المتشوفه

فيكون مخلوقاً وتزعم خالقاً

بالحس تدركه وتدرك موقفه

أم غيره جردته من نفسه

أم غيره هو ذاته أم ما الصفه

هذا هو التجديد والتحديد وال

تقسيم والتعديد ما متعسفه

فإذا نصبتَ سؤال موسى حجة

ونبذت أحكام العقول مزيفه

قل لي أموسى كان يجهل منعها

من قبل صاعقة النكير المرجفه

فتسومه النقصان في توحيده

وتكون أكمل في الحجى والمعرفه

أم كان يعلم منعها فأرادها

عدواً فتنسب للرسالة عجرفه

أم كان يعلم منعها بحياته ال

دنيا فاعجل ربه ليشرفه

وعلى الثلاثة فالنقيصة عندَهُ

بسؤالها أولاً فليسَك منصفه

بل كان يعلم منعها دنيا وأخ

رى والسؤال جرى لأجل ذوي السفه

كفروا به أو ينظروه جهرة

فنهاهم فعتوا عتواً خوفه

فأراد من حرص على ايمانهم

اقناعهم بالزجر عن تلك الصفه

أتراه يسألها الكليم لنفسه

طمعاً بها ولها اليهود معنفه

واللّه ما جهل المقامَ ولا نسي

عز الجلال ولا تخطى موقفه

لكن لكبح عنادهم وعتوهم

عرض السؤال وقلبه في المعرفه

أو لم يصرّح أنهم سفهاءُ مف

تونون عند التوب مما أسلفه

ومتابُهُ من جريها بلسانه

من دون اذن أو لصعق خوفه

أعميتَ عن تابيد لن منفيها

وجعلت في التأكيد لن متوقفه

ما بال تحصرها على تأكيدها

لولا التجاهل في مقام المعرفه

هب إن برهان العقول رفضتَهُ

فالنص تستر شمسه متكشفه

أيقول ربك لن تراني فارتدع

وتقول سوف أراك خلف البلكفَه

أو ليسه هذا عناد ظاهر

فاذهب أمامك موعد لن تخلفه

أبآيةِ الانعام أدنى شبهةٍ

أم آية الاعراف ويك محرَّفه

هل فيهما بعض التشابه موهماً

ايجاب سلبهما لمن لم يَانفه

كلا ولكن الهوى سَلبَ النُهى

واضلها فتهوكت في الزخرفه

ومن المصيبة ضل سعيُ معاشرٍ

قلدتهم تخِذوا هواهم مزلفه

ألمحت من نور التجلي لمحةً

فجعلت ذات الحق تلك مكشفه

سبحانه جلت صفات كماله

عن كل ما لحق الحدوث من الصفه

الطور أتحفه التجلي عن حقي

قته وموسى مصعق ما أتحفه

أجهلت أن تجليات جَلاَلِهِ

ظهرت لسائلة المحال مخوفه

طلب التي نأفت خصائص ذاتهِ

فاستخطفتهم غضبة مستخطفه

أنكرت دك الطور منهُ بآيَةٍ

زجراً لعاتية اليهود المسرفه

فهب التجلي ما تقول فأين في

أثناء آيته مقام البلكفه

وإذا أنفت تجلياً بالآية ال

كبرى وحسبك ضلة أن تأنفه

فجلاله وجماله وكماله

شاهدته في الذات أم فعل الصفه

أعلمت ربك قادراً إلا بم

ظهر الاقتدار لذاته المتصرفه

ماذا ترى في جاء ربك هل عَنى

بالذات أم أمر القيامة كشفه

ما جاء إلا أمره وعَظيم قد

رته وأجناس الخليقة موقفه

أتراه جاء مع الملائك نفسه

بالذات في ظلل الغمام مكنفه

هل جاء إلا أخذه وأليم بط

شته بجاحدة له مستنكفه

أظننت محجوبين عن جناته

وشهود عين الرحمة المتعطفه

منع الحجاب عيونهم عن ذاتهِ

أخطأت أو فاعبُد حجاباً كنّفه

هل زاد أم نقصَ الحجاب أم استوى

وتراه من أي الجهات تَكَنَّفَه

مزق حجابَك يا مجسمَ ربه

وحجاب جهلك إنه ما أكنَفَه

واعرج إلى تقديس ذات الحق بال

نور الذي أوحى وَحَسبُكَ معرفَه

قدس نعوتَ اللّه عن مخلوقه

وانبذ نعوتَ البدعة المتحرفه

وإذا نزعتَ إلى الهدى عن غيره

فالاستقامة نزعة المتصوّفه

للّه نحلتنا ونِعمَ سبيلها

أصلاً وفرعاً لا تخالفُ مصحفه

هي عين ما نزل الأمين بهِ على ال

هادي الأمين وما سواها زخرفه

لا نعبد المحسوس ذاتاً كل مح

سوس حدوث ذاته متألفه

بل نعبد الرب الذي عرفاننا

إياه عرفان بأن لن نعرفه

أي عجزنا عن دركه هو دركه

لا درك ما هياتنا المتكيفه

تجريدنا لصفاته ولذاتهِ

تجريده هو نفسه لن نعرفه

توحيدنا إياه توحيد القُرآ

ن بذاته والفعل منه المعرفه

ونجله عن رؤيةٍ بالعين أو

بالقلب في الدنيا وأخرى مزلفه

والدين نأبى أن نقلده رجا

لا غير معصومين عما حرفه

ونقلد الرأي المطابق أصله

لمحقق استنباطه عن معرفه

أفلت سانحة الهدرْ فاربع على

ضلع العمى وابغ الضلالة مزلفه

أضللت صديقية عمريّة

وهبية تهب الهداية منصفه

بدرية أحدية ما حكمت

عَمراً على قرانها ليحرِّفَه

شربت بماء النهر كأس نبيها

كأساً بامزجة الرحيق مقروفة

لا تدَعي هتك الجلالِ برؤيةٍ

حسب العقول من المقام المعرفه

أقصر مطامعك التي طولتها

إن المطامع في محال مخلفه

انصف حقيقة لن تراني تلقَها

نفياً يؤيد قاطع المتشرفه

وانظر إلى الشأن المحال وقوعه

إذ بالمحال ثبوته قد أوقفه

لو جاز لم يك بالمحال معلقاً

كلا ولا صعقت يهود بمرجفه

قد كان في العلم القديم بانهُ

لا يستقر الطور ساعةَ أرجفَه

وإن ادعتي بأن هذا المنع في ال

دنيا وبالأخرى حقوق موقفه

قلنا حكمت بأنهُ متغيرٌ

لما فرضت هناك تغيير الصفه

وكما له بالذات ليس موقتاً

كلا وليس صفاته متطرفه

ما يستحيل عليه فيما لم يزل

قد رتموه لغاية المتشوفه

لا تستحيل صفات خالقنا ال

قديم ولا تغيره الدهور المردفه

سبحانه لا منتهى لكماله

إذ لم يكن لبداية مستأنفه

عُد عن طريقك ما لعينك منفذٌ

إلا إلى كيفية مستهدفه

إلا إلى جهة تحدّد جَوهراً

متلبساً عرضاً تحقق موقفه

أولاً فليست رؤيةً معقولة

فنرى حديثكم إليها مصرفه

بيني وبينكم الكتاب فقد قضى

إنا على رشد وإنْ بكم سفه

لا تجعلوا التوحيد عرضة وهمكم

غرض الحقيقة منه عين المعرفه

ما أبعد العرفان عن ألبابكم

إن كان تقديس المهيمن بلكفه