بدع من الأمر إذ حلت جلالته

بدع من الأمر إذ حلت جلالته

تلك السراية في الأفلاك لم تطر

نعم لها العذر كرسي له قدر

لو فارق الأرض لم تثبت على قدر

سراية حسدتها الشمس في شرف

حتى الكواكب حساد لذي خطر

قد حلها العالم الأعلى بأجمعه

تجوهرت نفسه في قالب البشر

خليفة من رجال الله تشمله

سيما الملائك في أطواره الزهر

محاسن الدهر من إحسانه فرط

وما بدا فشعاع الشمس في القمر

أسائل الدهر عن معنى فضائله

فيعرب الدهر معنى غير منحصر

لو صور الدهر منطيقاً لأعجزه

ما في حقائق معناه من الصور

يفارق العقل فيه نور فطرته

فمدرك العقل منه موقف النظر

ظواهر الحمد تستوفي الثناء له

ما الشأن في حمد ما يخفى على الفكر

وجوهر من صميم الحمد عنصره

فذاك للحمد منا غير مفتقر

مقام مقداره من ذكر مادحه

مقام ذات الضحى من رؤية البصر

ما ينشر القول ذكراً من محامده

إلا ويصدر مطوياً على غرر

تهوى البلاغة أن تطوي له مدحاً

وأبلغ القول فيه مثل مقتصر

خليفة الله هل أبقيت من شرف

إلا وعندك منه أشرف الأثر

تناقلتك من الأصقاع أشرفها

سجية الشمس في الأبراج والقمر

حبوت ملكك حظاً من مشاهدة

فشاهد العين واستغنى عن الخبر

وظل يرفل والأيام شاخصة

وسط الممالك بين العز والظفر

كم بلدة بدلتها منك عارفة

مرعى النضار بمرعى الماء والشجر

يخضر دارس قطر حيث تنزله

كأن رجلك فيه راحة الخضر

باركت أفريقيا لما سفرت بها

أنت المبارك في حل وفي سفر

فما تركت شقياً غير مستعد

ولا تركت كسيراً غير منجبر

وأنت بين هضاب المجد منبسط

تصرف الدهر في ورد وفي صدر

لا يفقد الدهر جداً منك مرتحل

ولا سكون لهم منك في حضر

إذا ترحلت عن قطر وجدت به

لما تقيم به من صالح الأثر

كأن نفسك في الأكوان سارية

والجوهر الفرد قالوا غير منشطر

وكوكب الشمس فرد في حقيقته

وليس عن سائر الدنيا بمستتر

ولو مكثت ولم ترحل لما قعدت

سياسة منك عزت حيطة الفطر

تحشو الليالي ما يبقى ولو بليت

من المفاخر حتى لات مفتخر

نازعتني الدر والياقوت أنظمة

مدحاً وتنثره في كف مفتقر

كأن شعري في أخشاء مبغضكم

ومبغضي مثل حد الصارم الذكر

ولن أفارق نهجي في مدائحكم

أو يفرق الله بين الأرض والمطر