سنة أخرى فقط

أصدقائي ,

مَنْ تبقّى منكمُ يكفي لكي أحيا سَنَهْ

سنةً أُخرى فقط ,

سنةً تكفي لكي أعشق عشرين امرأةْ

وثلاثين مدينهْ ,

سنةً واحدةً تكفي لكي أُعطيَ للفكرة جسمَ السوسنهْ

ولكي تسكن أرضٌ ما فتاةً كُلِّ الأمكنهْ,

سَنَةً وَاحدةً تكفي لكي أحيا حياتي كُلّها

دُفعةً واحدةً

أو قُبْلَةً واحدةً

تقضي على أسئلتي

وعلى لُغز اختلاط الأزمنهْ

أصدقائي , لا تموتوا مثلما كنتم تموتونَ

رجاءً ’ لا تموتوا , انتظروني سنةً أُخرى

سنهْ

سنةً أُخرى فقط .

رُبَّما أنُنْهي حديثاً قد بَدَأْ

ورحيلاً قد بدأْ

ربما نستبدل الأفكارَ بالمشي على الشارعِ

أحراراً من الساعة والرايات ,

هل خُنَّا أحدْ

لنسمِّي كُلّ أرضِ , خارجَ الجرح , زَبَدْ؟

ونخافَ الدندنهْ

رُبَّما نحمي اللُغَهْ

من سياقٍ لم نكن نقصدُهُ

ونشيدٍ لم نكن ننشدُهُ

للكهنهْ…..

أصدقائي شهدائي الواقفينْ

فوق تختي…. وعلى خصر فتاةٍ لم أذُقْها بَعْدُ

لم أرفع صلاتي فوق ساقيها لربِّ الياسمينْ….

اذهبوا عني قليلاً

فلنا حَقّ بأن نحتسيَ القهوةَ بالسُكَّر لا بالدمِ

أن نسمعَ أصواتَ يَدَيْنا وهما تستدرجان الحَجَل الباكي

إلينا ’ لا سُقُوطَ الأحصنهْ

ولنا حَقّ بأن نُحُصِي الشرايينَ التي تغلي

بريح الشهوات المزمنهْ

ولنا حَقّ بأن نشكر هذا الزَغَبَ النامي

على البطن الحليبيِّ

وأن نكسر إِيقاع الأغاني المؤمنهْ…

أصدقائي شهدائي

لا تموتوا قبل أن تعتذروا من وردةٍ لم تبصروها

وبلادٍ لم تزوروها ,

وأن تعتذروا من شهوةٍ لم تبلغوها

ونساءٍ لم يُعَلِّقْنَ على أعناقكم

أيقونَةَ البحر

ووشمَ المئذنهْ,

لا تموتوا قبل أن نسأل ما لا يسألُ الباقي على الأرضِ:

لماذا تشبهُ الأرضُ السفرجلْ

ولماذا تشبهُ المرأة ما لا تشبه الأرضُ

وحرمانَ المحبين… ونهراً من قرنفلْ؟

ولماذا عرفوني

عندما متُّ تماماً … عرفوني

ولماذا أنكروني

عندما جئتُ من الرحلة حَيّا؟

يا إلهي , جُثِّتي دَلّتْ عليّا

وأعادَتْهُمْ إليّا

فبنوها بينهم… كالمدخنهْ !

أصدقائي شهدائي

فَكّروا فيِّ قليلا

وأحِبُّوني قليلا

لا تموتوا مثلما كنتم تموتون , رجاء , لا تموتوا

انتظروني سَنَةً أُخرى

سنهْ

سنةً أُخرى فقطْ

لا تموتوا الآن ’ لا تنصرفوا عَنِّي

أحبُّوني لكي نشرب هذي الكأسَ

كي نَعْلَمَ أنّ الموجَة البيضاءَ ليستْ امرأة

أو جزيرةْ’

ما الذي أفعله من بعدكم ؟

ما الذي أفعله بعد الجنازات الأخيرةْ؟

ولماذا أعشق الأرضَ التي تسرقكم مني

وتُخْفيكم عن البحرِ؟

لماذا أعشق البحرَ الذي غَطَّى المصلِّينَ

وأعلى المئذنهْ؟

ولمن أمضي مساءَ السبت

مَنْ يفتح قلبي للقططْ

ولمن أمدَحُ هذا القمرَ الحامضَ فوق المتوسِّطْ

ولمن أحملُ أشياءَ النساء العابرات الفاتنات

ولمن أتركُ هذا الضَجَرَ اليوميَّ

ما معنى حياتي

عندما يُسندني ظلِّي على حائط ظلِّي حينما تنرفون

من سيأتي بي إلى نفسي

ويرضيها بأن تبقى معي ؟

لا تموتوا , لا تموتوا مثلما كنتم تموتون رجاءً

لا تَجُرُّوني من التُّفاحة – الأنثى

إلى سفر المراثي

وطقوسِ العَبَرات المدمنهْ !

ليس قلبي لأرميهِ عليكُمْ كتحيَّهْ

ليس جسمي لي لكي أصنع تابوتاً جديداً ووصيَّهْ

ليس صوتي لي لكي أقطع هذا الشارع المرفوعَ فوق البندقيهْ

فارحموني ’ أصدقائي

وارحموا أمَّ الزغاريد التي تبحث عن زغرودة أُخرى

لميلاد المرايا من شظيّهْ

وارحما الحيطانَ إذ تشتاقُ للأعشاب,

والكُتَّابَ في باب الوفيّات

ارحموا شعباً وعدناهُ بأنْ نُدْخِلَهُ الوردةَ من باب الرماد المُرّ,

لا تنصرفوا الآن كما ينصرف الشاعرُ في قُبَّعة الساحر

من يقطف ورد الشهداءِ؟

انتظروا يا أصدقائي , وارحمونا…

فلنا شُغْلٌ سوى التفتيش عن قبرٍ وعن مَرْثَّيةٍ

لا تشبه الأُولى

وما أَصغَر هذا الدم

وما أكبرَ هذا الدم

ما أجملكم يا أصدقائي

عندما تغتصبون الأرض في معجزة التكوين

أو تكشفون النبع في صخر السفوح الممكنهْ !

أصدقائي

مَنْ تبقّى منكُم يكفي لكي أحيا سَنَهْ

سنةً أُخرى فقط

سنةً تكفي لكي نمشي معا

نُسْدِلُ النهرَ على أكتافنا مثل الغَجَرْ

ونهدُّ الهيكل الباقي معا

حجراً تحت حَجَرْ

ونُعِيد الروحَ من غربتها

عندما نمضي معا

عندما نُعْلِنُ إِضراباً عن عبادات الصُوَرْ

فإذا أنتم ذهبتمْ أصدقائي الآن عني

وإذا أنتم ذهبتمْ

وأقمتمْ في سديم الجمجمهْ

لن أناديكم عنكم كَلِمَهْ

فأنا لا أستطيع الآن أن أرثي أحدْ

بلداً في جَسَدٍ

أو جسداً في طلقةٍ

أو عاملاً في مصنع الموت المُوَحَّدْ

لا أحَدْ

لا أحَدْ…

وليكن هذا النشيدْ

خاتَمَ الدمع عليكم كُلِّكُمْ يا أصدقائي الخَوَنَهْ

ورثاءً جاهزاً من أجلكم !

ولذلكْ…..

لا تموتوا أصدقائي ’ لا تموتوا الآنَ

لا وردةَ أغلى من دمٍ في هذه الصحراء

لا وقتَ لكم

لا تموتوا مثلما كنتم تموتون ’ رجاءُ ’ لا تموتوا

انتظروني سنةً أخرى

سَنَهْ,

من تبقّى منكم يكفي لكي أحيا سنهْ

سنه أُخرى فقط

سنة تكفي لكي أعشق عشرين امرأةْ

وثلاثين مدينهْ

سنة تكفي لكي أمضي إلى أُمِّي الحزينهْ

وأناديها : لِدِيني من جديد

لأرى الوردةَ من أَوِّلها

وأَحبَّ الحبَّ من أَوَّله

حتى نهايات النشيد

سنة أخرى فقط

سنة تكفي لكي أحيا حياتي كُلَّها

دفعةً واحدةً

أو قبلة واحدةً

أو طلقة واحدةً تقضي على أسئلتي

سنة أخرى فقط

سنة أخرى

سنهْ…..