ذو الأوتاد

كلُّ ابن آدم خطّاءٌ وخيرُهُمو

منْ أنفقَ العُمْرَ أوّابًا فما بخِلا

ومن بقولِ ابن عبدِالله قالَ فما

اسْتَغنىْ بنَقْصٍ ولا اسْتثنىْ ولا افْتعَلا

قُلْ لابنِ أُمِّكَ أنَّ الخيرَ آيته

ما وُلّيَ الأمرَ أهلُهُ فمَا خَذَلا

ما باحتَ التُّربُ قومًا بالّذيْ شمِلا

لو أنّ ماءً من السَّماءِ ما نزَلا

والماءُ رهنٌ بخيرٍ فيهِ قد أصُلا

والخيرُ بالخيرِ لا بالشرّ قد جُعِلا

هل شذَّ تُبّعُ ذو القرنينِ إذْ عدَلا

عمّن أحاطوهُ واحتذوا بهِ مَثلا؟

هل شذَّ فِرعونُ ذو الأوتادِ حينَ علا

عمّن أطاعوهُ واختطّوا لهُ السُّبلا؟

كمْ أغضبَ ابنَ أبي أخٌ قد اعْتقلا

ألسّهلَ والرّوضَ والبيْداءَ والجَبَلا!

أأغضبَ ابنَ أبي فعلُ الذي جَبِلا

فينا وفيْ جوف رحمِ أمِّنا حُمِلا؟

ألا يرىْ أنّه بالنفسِ قد شُغِلا؟

أقبِحْ بها علةً إنْ كانَ قدْ غفَلا

أما اشتكى الحُمقُ منّا حين بانَ لهُ

أنْ لا شفاءَ لهُ منّا فما احْتمَلا

أليسَ يعلمُ أنّ الجهلَ منهَلُنا؟

والعلمُ ما جفَّ بلْ بغيرِنا شُغلا!

والكِذْبُ موسِرُنا والصِّدقُ مُفقرِنا

والمالُ مطمحُنا بهِ اللّئيمُ علا

والعسْرُ صائدُنا واليُسْرُ مُطلِقنا

والموتُ مُنقذنا أكرِمْ بمن عدَلا

والهجْرُ أطولُنا والوصْلُ أقصرُنا

والبغْضُ أسمنُنا والحبُّ قد نحَلا

والعِرضُ أرْخَصُنا والعرَضُ ممتُعنا

والعيْبُ من ثوبِهِ المشقوقُ ما خَجِلا

والبئرُ غالبُنا والرّملُ مُعْجزُنا

والطّفلُ ضاعَ وربُّ البيتِ ما حَفَلا

والهمُّ أكثرُنا إنْ أحصيَتْ مُهَجٌ

والرأسُ في مهدِهِ شيبًا قدِ اشْتعَلا

والدّينُ غائبُنا واللّهوُ حاضِرُنا

والموتُ جارٌ وقلبُ الشّيخِ ما وَجِلا

منّي سلامٌ إليكَ يا ابنَ منْ عرِبوا

أنظرْ إليكَ لِكيْ تستَكْشفَ العِلَلا

فرعونُ لنْ ينجليْ ما دامَ أشجعُنا

حرفٌ له ننسبُ القتلَ وما قَتلا

فرعونُ لن ينجليْ ما دامَ عالُمُنا

يستلزمُ القتلَ “شرعًا” كلّما سُئِلا

ويسألُ الغيْرُ ما جرىْ لعالمِنا

أفتنةٌ هيَ أمْ تراهُ قد خَبِلا؟

ما انفكّ يتلوْ عليْنا الذّكرَ مُنفعِلا

معْ أنّه للشياطينِ قدِ امْتَثلا

فرعونُ لن ينْجليْ ما دام سيّدنا

يردُّ بالقتل غدرًا كلّما ثَمِلا

أعظِمْ بهِ فارسًا ما منْ خُزَعْبلةٍ

إلا وصيّره من بثّها البَطَلا!

وليسَ في الغربِ أدناهُ وما بعُدا

أضحوكةٌ ما بدا في متنِها حَمَلا!

فرعونُ لن ينجليْ ما دمنَ نِسوتُنا

يلِدْنهُ والجسومُ تكتسيْ الحُللا

فرعونُ لن ينْجليْ ما دامَ موقِفُنا

منْ كلّ مُختلفٍ بأنّهُ جَهِلا

فرعونُ يسْكُنُها قهْرًا ويسكُنكَا

جهْلًا ولوْ متَّ أو ماتتْ لما ارتحَلا

فانظرْ إليها ترَ الإنسان مُغتَصبًا

وانظرْ إليك ترَ الفرعونَ مُكتملا

فرعونُ لولاهُ تاريخُك ما اكتملا

إنْ يخْلُ مِنهُ فلنْ تلقىْ لهُ بَدَلا

ربّاهُ لا بحرَ في قلبٍ فيغرقهُ

ولا ابنَ عمرانَ كي يُبقي لنا أمَلا

هذا دعاءٌ دعا به لِسانُكَ لَيْ

تهُ دعا قلبُكَ الّذي قسا وقلَى

هذي شعوبٌ إذا ما اصْطدتها بدنًى

شرَّتْ وأغنتْ حديثَ الناسِ والجدَلا

وصارَ ما أنْجَبتْ نساؤُها فُرُعا

تُحتزُّ أرؤسُها فدىً لِمَنْ قتَلا