ما ترى غير ذكريات بواق

مَا تُرَى غَيْرَ ذِكْرَيَاتٍ بَوَاقِ

مِنْ عُيُونِ الآدَابِ وَالأَخْلاَقِ

أَفَلَ الفَرْقَدُ الَّذِي كَانَ يَجْلُوهَا

سَنَاءً فَآذَنَتْ بِلِحَاقِ

وَإِذَا مَا طَفَاوَةُ النَّجمِ بَانَتْ

تَبِعَتْهَا مَبَاهِجُ الإِشْرَاقِ

يَا حُسَيْنَ النَّبيلِ فِي كُلِّ مَعْنَى

وَالكَرَمِ الأُصُولِ وَالأَعْرَاقِ

عَاقَنِي الدَّاءُ عَنْكَ يَوْمَ تَوَلَّيْتَ

وَمَا كُنْتَ عَنْكَ بِالمُعْتَاقِ

فَالصِّبا مُقْعِدِي وَمَوْكِبُك ال

ذخَّارُ يَمْشِي فِي قَلْبِي الخَفَّاقِ

مَا كَفَتْنِي مُعْجِلَ السُّوءِ أَيَّا

مِي وَمَا مِنْ مُؤَجَّل السُّوءِ وَاقِ

كَيْفَ لَمْ تَدْرَإِ الفَضَائِلَ مَا رُحْتَ

تُعَانِي مِنَ الأَذَى وَتُلاَقِي

شَرِبَ الطَّالِحُونَ عَذْباً زِلاَلاً

وَشَرِبْتَ القِذَى بِكَأْسٍ دِهَاقِ

إِنَّ مَوْتاً وَالعَيْشُ مَا زَالَ مَنْصُو

راً شَهِيَّ الحَيِّي لِمُرِّ المَذَاقِ

أَيُّ غُبْنٍ أَنْ يَقْصِبَ الغِصْنُ

مِخْصَلاً طَرِيفَ الأَزْهَارِ وَالأَوْرَاقِ

وَشَجِيٌّ أَنْ يَمُرَّ بِالْكَوْكَبِ السَّا

طِعِ ظِلٌّ فَيَبْتَلِي بِالْمُحَاقِ

لاَ اعْتِرَاضَ عَلَى القَضَاءِ وَلَكِنْ

أَشَد الأَحْكَامِ حِكْمُ الفِرَاقِ

كَانَ لِلأَعْيُنِ ابْتِسَامُكَ نُوراً

فَقَدَتْهُ فَمَاؤُهَا غَيْرُ رَاقِ

وَنَبَا بِالآذَانِ أَشْهَى سَمَاعٍ

بَعْدَ أَلْفَاظِكَ اللِّطَافِ الرِّقَاقِ

قَلَّ مَنْ عَاشَ مِثْلَ مَا عِشْتَ

فِي أَنْزَهِ حَالٍ عَنْ رِيبَةٍ وَنفَاقِ

وَالْتِمَاسٌ لِوَجْهِ رَبِّك فِي

إِسْعَافِ ذِي عِلَّةٍ وَذِي إِمْلاَقِ

وَابْتِغَاءٌ لِكُلِّ أَمْرٍ عَظِيمٍ

لَمْ يَذَعْهُ الطَّنينُ فِي الآفَاقِ

ظَلْتَ سِبَّاقَ غَايَةٍ بَعْدَ أُخْرَى

فِي المَعَالِي فُدِيْتَ مِنْ سَبَّاقِ

فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا إِلى المَجْدِ رَاقٍ

وَإِلى اللهِ فِي المَنيَّة رَاقِ

تُهَيءُ الخُلْدَ صُورَةً كَمُلَتْ

زِينَاتُهَا مِنْ جَلاَئِلٍ وَدَقَاقِ

نَزَعَهَا المَنُونُ نَزْعاً أَلِيماً

مِنْ سِوَادِ القُلُوبِ وَالأَحْدَاقِ

سَلَخَ التَّوْأَمَ الحَبِيبَ فَمَاذَا

حَلَّ مِنْهُ بِصِنْوِهِ المُشْتَاقِ

وَهُمَا مُنْذُ قُدِّرَا فِي ضَمِيرِ الدَّهْ

رِ حِلْفَا هَوَى وَإِلْفَا عِنَاقِ

إِنْعَزَى أَخَاهُ عَنْهُ وَمَا

نَمْلِكُ حَبْسَ الدُّمُوعِ فِي الآمَاقِ

وَيَسِيرُ فِي ذَلِكَ الحُزْنِ مَا يَنْقُصُ

مِنٌ بُرْحِهِ اقْتِسَامُ الرِّفَاقِ

مَا لَهُ فِي مُصَابِهِ غَيْرَ عَوْنِ اللَّ

هِ وَاللُّطْفِ مِنْهُ وَالإِشْفَاقِ

وَالعَلاَجُ الأَكْفَى إِذ الجُرْحُ أَشْفى

فِي اعْتِصَامِ المَخْلُوقِ بِالخَلاَّقِ

فَلْيَطِبُ فِي جِوَارِ مَوْلاَهُ شِيرينُ

وَيَأْخُذْ مِنْ فَضْلِهِ بِخَلاَقِ

إِنَّه كَانَ مُؤْمِناً وَأَمِيناً

وَوَفِيّاً بِالعَهْدِ وَالمِيثَاقِ

أَيُّ تَقْوَى وَأَيُّ دِينٍ وَدُنْيَا

حَمَلَتْ نَعْشَهُ عَلَى الأَعْنَاقِ

أَجْمَلُوا يَا مُوَدِّعِيهِ فَمَا حَالُ

تَنَائِيهِ دُونَ كُلِّ تَلاَقِ

إِنْ يَفُتْكُمْ وَجْهُ العَزِيزِ المُوَلَّى

لَمْ يَفُتْكُمْ وَجْهُ العَزِيزِ البَاقِي