يا آية العصر حقيق بنا

يَا آيَةَ العَصْرِ حَقِيقٌ بِنا

تجْدِيدُ ذِكْرَاكِ عَلَى الدَّهْرِ

جَاهَدْتِ لَكِنَّ النَّجاحَ الَّذِي

أَدْرَكْتِهِ أَغْلَى مِنَ النَّصرِ

بَدَتْ تَبَاشِيرُ الْحيَاةِ الَّتِي

جَدَّتْ فحَيِّي طَلْعَةَ الفجْرِ

قدْ أَثْبَتَتْ يَقْظتَهَا لِلعُلَى

بَعْدَكِ ذَاتُ الخِدْرِ فِي مِصْرِ

فَبَرَزَتْ مِنْهُ وَلَكِنَّها

مَا بَرَزَتْ عَنْ أَدَبِ الخِدْرِ

تَعْفَو عَنِ المُخْطِيء فِي حقِّهَا

حِلْماً وَتسْتعْفِي مِنَ النكْرِ

مَكانُهَا أَصْبَحَ مِنْ زَوْجِها

مَكَانَ تِمِّ الشِّطرِ بِالشَّطرِ

لهَا عَلَى الوَاجِبِ صَبْر وَإِنْ

شَقَّت وَمَرَّتْ شِرْعَةُ الصَّبرِ

مَخَايِلُ العَزْمِ تِري وَرْيَهَا

مُؤْتَلِقاً فِي وَجْهِهَا النَّضرِ

وَتَلْمَحُ العَيْنُ حُلَى نَفْسِهَا

أَزهَى وَأَبْهَى مِنْ حُلَى التِّبرِ

فِي أَيِّ عَصرٍ كانَ عِرْفَانهَا

أَوْ خبْرُهَا مَا هُوَ فِي العَصْرِ

قَدْ عِلمَتْ أَنَّ المزَايَا وَإِنْ

جَلَلْنَ لاَ يُغْنِينَ مِنْ طُهْرِ

لو جُمعَتْ فِي نَسَقٍ بَارِعٍ

كَرِيمَةُ الأَحْجَارِ وَالدُّرِّ

وَلمْ تُصِبْ نُوراً فَتُبْدِي بِهِ

زِينَتَنهَا الخلاَّبَةَ الفِكْرِ

أَلاَ يَكونُ الفحْمُ وَالمَاسُ فِي

مُنْجَمِهِ سِيَّينِ فِي القَدْرِ

يَا مَنْ ذوَت فِي زَهْرَةِ العُمْرِ مَا

أَقْسَى الرَّدَى فِي زهْرَةِ العُمْرِ

إِنْ تبْعَدِي مَا بَعُدَتْ نَفْحَةٌ

تَرَكْتِهَا مِنْ خَالِصِ العِطْرِ

فِي كُتبٍ مَأثورَةٍ كلُّهَا

كالرَّوْضَةِ الدَّائِمَةِ الزَّهْرِ

وَلاَ نَأَى عَنْ مَسْمَعِ القَوْمِ مَا

غنَّيتِ مِنْ أُنْشُودَةٍ بِكْرِ

خَالِدَةِ التَّرْدِيدِ فِي مِصْرَ عَن

نابِغَةٍ خَالِدَةِ الذكْرِ

بِشَدْوِهَا المُؤْلِمِ فِي أَسْرِهَا

أَطْلَقتِ الطَّيرُ مِنَ الأَسْرِ

مَا الوِزْرُ أَنْ تَبْدُوَ ذَاتَ الحُلى

وَسَيْرُهَا خِلوٌ مِنَ الوِزْرِ

أَيُّ كَمَالٍ وَجَمَالٍ يُرَى

كَمَا يُرَى فِي طَالِعِ الزَّهْرِ

فبِاسْمِ طُلاَّبِ رُقِيِّ الحِمَى

وَبِاسْمِ أَهْلِ الخُلقِ الحُرِّ

أُهْدِي إِلى رُوحِكِ فِي عَدُنِهَا

أَنْفَسَ مَا يُهْدَى مِنَ الشُّكرِ

هَلْ كُنْتِ إِلاَّ كَوْكَباً آخِذاً

فِي أُفُقِ العَلْيَاءِ مِنْ بَدْرِ

فضْلُكِ مِنْ فَضْلِ أَبِيكِ الَّذِي

كَان أَبَا الآدَابِ فِي القطْرِ

أَبْرَعُ مِنْ جَوَّدَ فِي مُرْسَلٍ

وَخَيْرُ مَنْ جَدَّدَ فِي شِعْرَ

قَصَّرْتَ فِي إِيفَائِهِ حَقَّهُ

تَقْصِيرَ مَغْلُوبٍ عَلَى أَمْرِي

وَكانَ مِنْ عُذْرِ الأُولَى أُرْجَأُوا

تَأْبِينَهُ مَا كَانَ مِنْ عذْرِي

شُلَّتْ يَدُ البَيْنِ الَّذِي سَاءَنَا

بِفَقْدِ ذَاكَ العَالِمِ الحَبْرِ

أَلْعَامِلُ الثَّبتُ الَّذِي إِنْ يُفِضْ

فِي مَبْحَثٍ حَدِّثْ عَنِ البَحْرِ

رَبُّ المَعَانِي وَالبَيَانِ الذِي

علَّمَنَا مَا لَمْ نَكُنْ نَدْرِي

أَلبَاذِلُ العِلْمَ لطُلاَّبِهِ

بَذْلاً وَمَا كَانَ مِنَ التَّجرِ

يُثَقِّف النَّشءَ عَلَى أَنَّهُ

أَعْلَى مَنارٍ لأُولِي الذِّكْرِ

فِي صَدْرِهِ الرِّفْقُ جَمِيعاً وَمَا

مِنْ رِيبَةٍ فِي ذلِكَ الصَّدْرِ

أَخْلَصُ شَيءٍ لأَوِدَّائِهِ

نِيَّتهُ فِي السِّرِّ وَالجَهْرِ

فَرَحْمَةُ اللهِ وَرِضْوَانُهُ

عَلَى فَقِيدَتْنَا إِلى الحَشْرِ

مِنْ وَالِدٍ بَرٍّ وَمِنْ بِضْعَةِ

طُهْرٍ أَنَارَا ظُلْمَةَ القَبْرِ