لعمرك ما ليالي المهرجان

لعمركَ ما ليالي المهرجانِ

سوى الحسناتِ من هذا الزمانِ

فمنها كانَ لي حلمٌ جميل

أرى الساعاتِ فيها كالثَّواني

وفي تِلكَ المغاني طارَ قلبي

شُعاعاً للغواني والأغاني

فكيف مَرَرتِ يا أيَّامَ أُنسي

وأينَ ذهَبت أيَّتُها الأماني

وقد خلَّفتِني صبّاً كئيباً

أُعاني في الصَّبابةِ ما أُعاني

كذلكَ لن أَعُودَ ولن تعُودي

إلى نُعمى الزَّمانِ ولا المكان

مَضى الزَّمنُ الذي أحيا شبابي

وآمالي وحبِّي بالتَّداني

وحيّاني بأزهارٍ وطيبٍ

وودَّعني ولستُ على ضمان

ميادينُ المدينة منهُ غَصَّت

وخيلُ اللَّهو مُطلقَةُ العِنان

يُجاري بعضُنا بعضاً عَليها

كأنا في سِباقٍ أو رِهان

وللألحانِ ترجيعٌ لطيفٌ

لهُ ذابت سويداءُ الجنان

فوا طرَبي لأصواتِ الصَّبايا

وهنَّ تبرُّجاً حورُ الجنان

صَبَغنَ خُدودَهُنَّ فبتُّ أجني

أزاهرَ عُصفُرٍ من زَعفران

وأطلعنَ الرِّياضَ على ثيابٍ

مُبرقشَةٍ كأخلاقِ القَيان

فأصبَحَ كلُّ سوقٍ سوقَ زَهرٍ

وذاك الزَّهرُ لم يَلمسهُ جان

ولما خضتُ مَوجاً من زحامٍ

رَأيتُ حَبيبتي بينَ الحِسان

فقلتُ لها سلاماً فاشرأبَّت

مهاةٌ تحتَ ظلِّ الخيزران

وحادَت عند رشِّي ماءَ عطرٍ

عَليها واتَّقَتني بالبنان

فكرَّت بعد أن فرَّت وجاءَت

تُقابلُني وتبسُمُ عن جمان

فقلتُ لِريشِ نبلٍ لا لِرَشٍّ

أرى التأمينَ في طلبِ الأمان

تولَّى المهرجانُ فهل أراها

وألقاها وقطفُ الحبّ دان

وأنشُقُ من غِلالتِها عَبيراً

وماءُ الزَّهرِ تُمطِرُه اليدان

تحيّاتي حمائمٌ حائماتٌ

على حُسنِ الغواني والمغاني

لقد ولَّيتِ مُسرعةً فعُودي

سَريعاً يا ليالي المَهرَجان