هبط الليل ولما أن دجا

هَبطَ اللَّيلُ ولمَّا أن دجا

أقبَلت توقِدُ فيهِ سُرُجا

كاعبٌ تدرجُ في رَوضتِها

مثلَ عصفورٍ عليها دَرَجا

لم يَكُن ما بيننا وَعدٌ ولا

رُسُلٌ لكن عرفتُ الأرَجا

فعلى نفحَتِها جئتُ إلى

مدخَلٍ أكرَهُ منهُ المخرجا

فتلقَّتني بثغر عنده

فرجي إن شمتُ منه المخرجا

وبعينين تراءَى فيهما

كلُّ ما سَرَّ فؤادي وشجا

وبكفٍّ رنَّ في معصمِها

دملجٌ كان لقلبي دُملُجا

ثم قالت كيفَ تُمسي بعدنا

إن تقحَّمتَ هناكَ اللُّجَجا

هل لنا أو لكَ يومٌ جَلِدٌ

عِندَ توديعٍ يُذيبُ المُهَجا

النَّوى ليلٌ بهيمٌ فابق لي

تحتَ هذا الروضِ صُبحاً أبلجا

قلتُ والدمعُ على وَجنتِها

كالنَّدى في ثمرٍ قد نضَجا

وعلى قلبي سرَت أنفاسُها

كهبوبِ الريحِ ناراً أجَّجا

كلَّما مرَّ عليهِ نفَسٌ

أبصرَت في مُقلتيَّ الوَهَجا

قسماً باللهِ والحبِّ الذي

منهُ جسمي قد غدا مُختَلِجا

وبروضٍ نوَّرَت أزهارُهُ

مثلَ قلبينا على نورِ الرَّجا

ونجومٍ فوقنا مُشرقةٍ

لتُرينا بعدَ ضيقٍ فرَجا

إنَّني أهواكِ ما عشتُ وما

مَنظرُ الزَّرقاءِ همِّي فرَّجا

وأنا باقٍ على عهدِ الهوى

فإليهِ القَلبُ في الكربِ التَجا

ليسَ هذا اللَّيلُ إلا شَفَقاً

من مُحيّاكِ الذي يجلو الدُّجى

إنَّما لي وطرٌ في وطني

ليسَ يُقضى فرَحيلي عن حِجى

ضاقَ عن صَدري وصدري ضيِّقٌ

عن فؤادٍ في هواهُ أهوجا

هكذا لا بدَّ أن يحملني

موجُ بحرٍ هاجَ حتى هَيَّجا