بكيت على حب مع الحسن ذاهب

بكيتُ على حبٍّ مع الحُسنِ ذاهبِ

وما أملي إلا كلمعِ الحباحِبِ

وإني إلى الماضي حَنُونٌ لأنهُ

تولّى بذاوٍ من فؤادي وذائب

وكلُّ امرئٍ يصبُو إلى زَمنٍ مَضى

لِعزَّةِ مَفقودٍ وناءٍ وغائب

فأينَ ملذَّاتي وأَينَ صُبوَّتي

وأينَ أحاديثُ اللَّيالي الذَّواهب

مضى ما بهِ علَّلتُ نفسي وما انقَضى

وتذكارُهُ كالبرقِ بينَ الغياهب

فمن مات لا يُرجى وما فات لا يُرى

خلا القلبُ من أحبابهِ والحبائب

فما أنا إلا كالسَّجينِ الذي يَرى

لدى الحاكمِ الباغي مرورَ المواكب

سلامٌ على ماضٍ من العمرِ كان لي

كغَفوةِ مُلتاحٍ ونشوةِ شارب

وأنوارِ صبحٍ بين أزهارِ جنَّةٍ

وطُهرِ ابتِسامٍ من ثغورِ الكواعب

هو الوقتُ يمضي والأمانيُّ تنطوي

وأيامُنا مَوصُولةٌ بالنَّوائب

فتسقطُ أفلاذٌ وتنضُبُ أدمعٌ

وكلُّ الورى ما بين ناهٍ وناهب

سَئِمتُ حياتي بين قومي لأنهم

أجانِبُ عنّي بالهوى والمناقب

وكيفَ يعيشُ الحرُّ ليثاً وحولهُ

ثعالبُ ترجُو الرِّزقَ عندَ الثعالب

فما امتلأت إلا خزينةُ سارقٍ

وما قُضيت إلا لُبانةُ كاذب

وذو المالِ في النُّعمى يُصعِّرُ خدَّهُ

وذو العلمِ في البؤسى لهُ ذلُّ طالب

فذاك على اللذَّاتِ يُنفِقُ مالهُ

وهذا فقيرٌ عندَ أسمى المواهب

لئن كان هذا العلمُ أعرضْ عن الحِجى

وإن كان هذا المالُ عُد بالمكاسب