وطني الشام فهل فيه حمى

وطني الشامُ فهل فيهِ حِمى

أو ضريحٌ للغريبِ التَّعِسِ

فإذا لم أرَ فيهِ العَلما

عربياً قلتُ يا قلبُ ايأس

أيها الزائرُ قِف بالعطنِ

ثم سائل عن مصيرِ التعساء

عزَّةُ الملكِ وأنسُ الوطنِ

ذهَبا بين صباحٍ ومساء

نبَتِ الشامُ بأهلِ الفطنِ

والذين اغتَصَبُوها رؤساء

قد سَقينا الأرضَ دمعاً ودما

وسَمَحنا بأعزِّ الأنفسِ

كيفَ لا تقضي أسى أو نَدَما

بعد ذياك الخيالِ المؤنس

حبذا الماضي الذي كنّا عليهِ

بينَ شكوى وعتابٍ ناقمين

يأسفُ الصبُّ الذي يَصبو إليهِ

ويقولُ التركُ كانوا راحمين

سلَّطَ العلجُ علينا جَحفَليهِ

فرأينا منهُ شرَّ الظالمين

وُلِّي الأمرَ وصارَ الحكما

فغَدَونا طعمةَ المفترسِ

إن رأى الشاكينَ أبدى صَمما

ولهُ في الجسِّ سمعُ الفرس

عكَّرَ الأردنَّ خِسّان اليهود

ومَشوا في ضفَّتَيهِ مَرَحا

وعلى الأرماسِ داسوا والمهود

فبكينا وتغَنّوا فرَحا

زهقَ الحقُّ لبهتانِ الشهود

ولهم قولٌ كسَيفٍ جَرَحا

قد أذلُّوا العربيَّ المسلما

ليهوديٍّ زنيمٍ شَرسِ

ضامَهُ في المسجدِ الأقصى كما

ضامَ عيسى وسطَ بيتِ المقدس

اليهوديُّ الجبانُ الغادرُ

بسِلاحِ الإنكليزيِّ قَتَل

خَلفَهُ الجيشُ الكثيفُ القادرُ

يصرمُ الحبلَ الذي منَّا انفتَل

سَقطَ الليثُ الهَصُورُ الخادرُ

فعَوى الثَّعلبُ والذئبُ خَتل

مَن لشعبٍ نفسَهُ قد ظَلما

فمَشى في الجهلِ نحو المرمسِ

إن شكا للظالمينَ الألما

عالجوهُ بحرابِ الحرس

عِج بوادي بَرَدَى ذاكَ الوسيم

واسألِ الجنّاتِ عَن أزهارِها

ضاقَت الفيحاءُ بالخَطبِ الجسيم

والفرنسيسُ على أنهارها

دنَسوا طهرَ البوادي والنسيم

واشتفى الفجَّارُ من أطهارِها

جَوُّها من ظلمِهم قد أظلما

وعلى الأرواحِ ثقلُ الحندسِ

لطَموا الحقَّ وداسوا الحرما

وتعاطوا مترعاتِ الأكؤس

جندُنا استُشهد صَبراً وهوى

عَلمُ الملكِ الذي ظلَّلنا

نحنُ صَرعى بين جورٍ وجَوى

نذكرُ العهدَ الذي علَّلنا

كلُّ ما في وَطَنٍ فيهِ الهوَى

حَسَنٌ لكنهُ ليسَ لنا

كم شهيدٍ صارَ فيهِ أعظُما

ولمن أرداهُ صَدرُ المجلسِ

فترى الثكلى تُباكي الأيِّما

حيثُ تلهو قينَةٌ في السندس

رَوَّعَ العلجُ بناتِ العربِ

في رياضٍ وقصورٍ أَمَّها

كم رأى الشاميُّ عند الهرب

كاعباً عذراءَ تدعو أُمَّها

قلبُهُ انشقَّ بحدّ الذَّرِب

إذ رأَى الوردةَ شقَّت كمَّها

من رأى مَدمَعَها والمبَسما

في نقابٍ طاهرٍ لم يُلمَسِ

قالَ أفدي دُرَراً أو أنجُما

ظهَرَت في العقدِ أو في الغَلس

قُل لعلجٍ يَزدَهيهِ البَطرُ

خفّفِ الوطءَ على هذي التُّرَب

من ثراها لي نسيمٌ عَطِرُ

ولذكرى المجدِ يعزوني الطرب

وطني الشامُ وفيهِ الوطرُ

عربيٌ أنا فليحيَ العرب

يا أخي الشاميُّ والخطبُ طما

كن مع الحمسِ رفيقَ الأحمسِ

وإذا الدهرُ صفا وابتَسما

كن مع الكيسى نديمَ الكيِّس

هَدم الرومُ من العربِ صُروحا

شيَّدُوها بقلوبٍ ورفات

أيُّ قلبٍ لا ترى فيه جروحا

هي أدمى من جروحِ المرهفات

فتَنشَّق من صَبا مكَّةَ روحا

وادعُ أبناءَ الهُدى من عرفات

فترى حَولَ المقامِ الأمما

تتشاكى في سوادِ المَلبسِ

ربما الشَّرقُ التظى واضطَرما

من لظى النَّفسِ وحَرِّ النَّفس