صبرا وإلا فماذا ينفع الحزن

صَبراً وَإِلّا فَماذا يَنفَع الحَزَنُ

إِنَّ الكَريم بحمل الضَيم مُمتَحَنُ

أَمثالنا وَالأَعالي قَبلَنا نكبوا

فَما اِستَكانوا بِما لاقوا وَلا وَهَنوا

لِلّه في خَلقِهِ لُطف وَتَجربةٌ

وَالمحسن البرُّ ما يَختاره حسنُ

فَثق بربّك وَاِصبر لِلأُمور فَقَد

تَجري الرياح عَلى ما تَشتَهي السفُنُ

وَسلّم الأَمر لِلرَحمن مُتّكلاً

فَكُلّ أَمر لِأَمر اللَه مُرتَهنُ

إِنَّ الَّذي اِهتَزَّنا مِن عَدله جَزَع

بِكُلّ ما نَرتَجي مِن فَضلِهِ قَمِنُ

لا يُؤسينَّكَ ضيق السجن مِن فَرَج

تَلقاهُ فَالعُسر بِاليسرين مُقترنُ

كَم لَيل خَطب جَلاه فَجره فَرَجاً

وَكانَ لِلرَكب مِنهُ مركب خَشنُ

إِنَّ الحَوادث في الدُنيا وَإِن كَثُرَت

لا يَستَقرُّ عَلى حال بِها الزمنُ

وَبَينَ مِنحة ذي النعما وَمِحنَتِهِ

سرٌّ مِن اللَه فيهِ حارَت الفطنُ

تَجري عَلى المَرء أَقدار محكَّمة

فَلَيسَ تَمنَعه قيس وَلا يَمَنُ

ما لي وَلِلدَهر ألحاه وَأعتبُهُ

لا يسمع العتب إِلّا مَن لَهُ أُذُنُ

في النَفس مِن خطرات الغَمّ عَن أَسَف

ما لَيسَ تَحمله نَفس وَلا بَدَنُ

خَطب خَطبت عَلى أَهل الحلوم بِهِ

بِمَوقف فيهِ يَعيا المصقع اللسِنُ

ثُمّ اِنثَنيت وَفي آذانهم صَمَم

وَمَوضع الحَكّ مِن أَجسامِهم دَرنُ

حَتّى أَرعووا لِحَديثي وَالضُحى غَسَقٌ

وَلاتَ حينَ مَناص أَيُّها الفطنُ

أَشكو إِلى اللَه أَقواماً قَد اِنتَحَلوا

قسطاس جورٍ بِهِ أَحكامهم وَزَنوا

عزّوا فَبَزّوا فَما أَبقوا عَلى أَحَد

فَلا القرى سَلمت مِنهُم وَلا المدنُ

بَغوا وَلَم يَحذروا لِلبَغي عاقِبَة

كَأَنَّهُم مِن صُروف الدَهر قَد أَمنوا

تَلبَّسوا بِلباس الحلم مَلأمة

فَالحلم مُكتمل وَاللؤم مكتمنُ

قَوم أَقاموا عَلى غيٍّ فَما اِنتَبَهوا

إِلّا وَقَد نَشَبَت في أَرضِنا الفِتَنُ

وَحاوَلوا رتق ذاكَ الفَتق فَاِتَّسَعَت

خُروق ثَوب الرَجا وَاِستَحوَز الوَهَنُ

يا عُصبة شُغلت بِاللَهو عَن شُغل

حَتّى غَدَت وَمَعالي عِزِّها دمنُ

تَجاهروا بِقَبيح الفسق وَاِتَّصَفوا

وَالسرّ أَقبَح إِن لَم يحسن العَلَنُ

لا يَعبَأون بِأَحكام الإِلَه وَلا

يَدرون ما واجِبات الشَرع وَالسننُ

وَالمَرء إِن لَم يَكُن بِالدين مُعتَصِماً

كَالفَحل يَجرأ وَلا يَقتادُهُ رَسَنُ

داءٌ عضالٌ بِهِ تلقى الإِساة أَساً

وَعلّة قَلَّما يَبرى لَها زَمِنُ