رأى أطلالهم دمعي فسالا

رأى أطلالَهم دَمعي فسالا

فأظمأني وقد رَوَّى الرِمالا

عَرَفتُ لبعضِها أثراً وبعضٌ

عَفتْهُ الرِّيحُ إذْ عَصَفَتْ شَمَالا

ديارٌ للظِبا صارَتْ كِناساً

فما بَرِحتْ لها الغِزلانُ آلا

وأينَ ظِباؤها من ظَبْي إنسٍ

يَشُقُّ عليهِ أنْ يُدْعَى غَزالا

من العَرَبِ الكِرامِ عزيزُ قومٍ

تَمضَّرَ بينَهُمْ عَمَّا وخالا

وَثِقْنا مِنهُ بالتَّوحيد لمَّا

رأينا فوقَ وَجنتِهِ بِلالا

أرِقتُ لعُصبَةٍ في الحيِّ زَمُّوا

فُؤَادي عِندَما زَمُّوا الجِمالا

وقد جَدَّ الرَّحيلَ جَميلُ صبري

غَداةَ البينِ إذْ شَدُّوا الرِحالا

وَقَفْنا في رُسومِ الدَّارِ ندعو

ولكنْ منْ يُجيبُ لَنا سُؤَالا

جَرَتْ عَبرَاتُنا دالاً وميماً

فأصبحَ جَزْرُها ميماً ودالا

نُرَدِّدُ بينَ هاتيكَ الأثافي

حنينَ النُوقِ أبصَرَتِ الفِصالا

ونَلقَى من عَواصِفِها غُباراً

حسِبناهُ لأوجُهِنا جَمالا

إذا ناحَ الحمامُ أصابَ قلبي

كأنَّ على حَناجِرهِ نِبالا

وأذكُرُ من مُطوَّقِهِ أيادٍ

بِطَوْقِ البِرِّ قَلَّدَت الرِجالا

أيادٍ ظلَّ يَبسُطُها كريمٌ

تتيهُ المَكرُماتُ بهِ دَلالا

إذا قلتُ السَّحابُ كراحَتَيهِ

فقد شَبَّهتُ بالشَّمس الهِلالا

فتىً يَستَغرِقُ الأموالَ جُوداً

ولو أنَّ الجِبالَ جُعِلنَ مالا

تَزيدُ جبينَهُ الأضيافُ بِشراً

كنصلِ السَيفِ تُوسِعُهُ صِقالا

كريمٌ شَنَّ في الأموال حرباً

فما كانتْ ولا كانتْ سِجالا

شَرَى بالمالِ بينَ الناسِ حمداً

ورَبُّ الحمدِ مَن بَذَلَ النَوالا

وإنَّ المالَ كالصَهباءِ يُبدي

لَنا من نَفسِ صاحِبهِ خِصالا

فيكَتِسبُ اللئيمُ به هَواناً

ويكتسِبُ الكريمُ بهِ جَلالا

عرَفْنا القاسمَ الدِّرْعيَّ شَخصاً

تَوَهّمنْا الكرَامَ لهُ خَيالا

ينالُ دَمَ الفوَارِسِ يومَ حَرْبٍ

وليسَ يَنالُ من سَلَبٍ عِقالا

أشَدُّ الناسِ في الغَمَراتِ بأساً

وأحسَنُهم على الحَالين حالا

وأفصحُ كلِّ ذي قولٍ مَقالاً

وأنجَحُ كلِّ ذي فعلٍ فَعَالا

تُفاجي الوَفدَ نِعمتُهُ اغتيالاًُ

فتىً لا يَعرِفُ الحربَ اغتيالا

فليسَ القومُ ينتظِرونَ وَعداً

ولا يِشْكُونَ من وعدٍ مِطالا

فتىً يُصلي الحُسامَ بنارِ حربٍ

فلو لم يَنطفِئْ بِدَمٍ لَسالا

ويَفتخِرُ الحدِيدُ براحَتيهِ

على الحَجَرِ الكريمِ وإنْ تَغالَى

إذا حَمَتِ النِصالُ دِيارَ قومٍ

فبعضُ القومِ يَحْمُون النِصالا

وما تُجدِي النِصالُ بلا أكُفٍّ

تكونُ حُدُودُهنَّ لها مِثالا

تَكلَّفَ حاسدُوهُ لهُ طريقاً

فزَادَهم الضَّلالُ بها ضَلالا

لَعَمْرُكَ لا يكونُ العَفْوُ مُهراً

ولو كانَ النُضارُ لهُ نِعالا

وَفَدْنا بالقريضِ على ثَناهُ

نُطاوِلُهُ فَقَصَّرنا وطالا

إذا مَرَّتْ قَوافينا بِهَضبٍ

أرانا من عَظائِمِهِ جِبالا