على رسم هاتيك الديار البلاقع

على رَسمِ هاتيكَ الدِّيارِ البَلاقِعِ

بَقايا سَلامٍ من بَقايا الأَضالعِ

بَلِينَ وأبلانا الزَّمانُ فكُلُّنا

رهينُ البِلى حَتَّى شُؤُونُ المَدامعِ

نَزَلنا لرَبَّاتِ البَراقعِ مَعهَداً

وأَجفانُنا من دَمعِها في بَراقعِ

تَنُوحُ حَمامُ الأَيكِ عِندَ بُكائنا

ونَبكي على نَوحِ الحَمام السَواجعِ

نَهارٌ تَغشَّاهُ ظَلامٌ تَشُقُّهُ

لنا زَفَراتٌ كالبُرُوقِ اللَوامعِ

ولم يكشِفِ الظَلماءَ من وَحشةٍ سِوى

شِهابٍ من الإسكَندَريَّةِ طالعِ

كِتابٌ دَعَوناهُ شَهاباً لأَنَّهُ

تَجلَّى بِنُورٍ لابنِ نَوَّارَ ساطعِ

أتاني على بُعدٍ فأَدَّى وَدائِعاً

إليَّ وكانَ الشَّوقُ إِحدى الوَدائعِ

أَجَلُّ رِجالِ الحُبِّ في مَذهبِ الهَوَى

مُحِبٌّ على بُعدِ الدِّيارِ الشَّواسعِ

وخيرُ كريمٍ مَن يُكَافي صَنيعةً

وأَكرَمُ منهُ مَن بَدَا بالصَّنائعِ

تَحَمَّلتُ من مَحمُودَ أَكبَرَ مِنَّةٍ

عَجَزْتُ بها عن حَمدِهِ المُتَتابعِ

تَصَفَّحَ مطبوعاً فأَثنَى بطَبعِهِ

جَميلاً فأَنشا صَبْوةً للمَطابعِ

حَبَاني على بُعدِ المَدَى بِرسالةٍ

تَناوَلتُها بالقلبِ لا بالأَصابعِ

مَنَعتُ انصِرافَ العينِ عنها تَصَبُّباً

كما حالَ دُونَ الصَرفِ بعضُ الموانعِ

أَتَتْ تَنجَلي بينَ اثنَتَينِ ولَيسَ لي

سِوى مَهْدِ قلبٍ من صِغارِ المَضاجعِ

ضعيفٌ يُباري قُوَّةً من جَماعةٍ

فَوهْنٌ على وَهَنٍ إلى الوَهْنِ راجعِ

تَفضَّلَ بالمدحِ الذي هُوَ أَهلُهُ

جَميلُ ثَناءٍ للمَدائحِ جامعِ

فكانَ لهُ فَضلانِ فَضلٌ على الثَّنا

وفَضلٌ على خُلقِ الرِّضَى المُتَواضعِ

ألا يا بَعِيدَ الدَّارِ قَلبُكَ قد دَنا

إلينا بملءِ العينِ مِلءِ المَسامِعِ

إذا لم يكنْ بينَ القُلوبِ تَقَرُّبٌ

فإنَّ اقتِرابَ الدَّارِ ليسَ بنافعِ