حزن القلوب على الغريب غريب

حَزَنُ القلوبِ على الغريبِ غريبُ

حتى تكادَ لهُ القلوبُ تذوبُ

والموتُ في نفسِ الحقيقةِ واحدٌ

لكن يُفرِّقُ بينهُ الأُسلوبُ

كلٌّ نراهُ على الطَّريقِ مسافراً

أبداً وما أحدٌ نراهُ يأُوبُ

يا سَفرةً بَعُدتْ مَسافةُ دارِها

عنَّا وأمَّا يومُها فقريبُ

عَجَباً لِمن يُمسي ويُصبحُ خائفاً

من مَوتهِ ولهُ الحياةُ تَطيبُ

طَفَحَت على بَصَرِ القلوبِ غِشاوةٌ

حتى تَساوى أحمقٌ ولبيبُ

يقضي الفَتى أيَّامَهُ في غفلةٍ

ويَلومُ كلَّ مُغَفَّلٍ ويَعيبُ

شَمِلَ الغُرورُ النَّاسَ حتى ضَلَّ مَن

يَهدي وذابَ من السَّقامِ طبيبُ

قُل للخطيبِ على الجُموعِ أفدَتَهم

نُصحاً ولكن مَن عليكَ خطيبُ

إن لم يكُن عَملُ الخطيبِ كقولهِ

فَمَنِ الذي يدعو بهِ فيُجيبُ

يا مَن نسمِّيهِ الحبيبَ وإنَّهُ

رَجُلٌ إلى كلِّ القلوبِ حبيبُ

قد غِبتَ عنَّا في التُّرابِ ولم يكُنْ

عهدُ الكواكبِ في التُّرابِ تغيبُ

أتُرَى تفوزُ الأُذنُ منك بمَسمعٍ

إن لم يكُن للعينِ منكَ نصيبُ

يا غُربةً طالت عليكَ بغُربةٍ

قد جُرَّ فوقَكَ ذيلُها المسحوبُ

فارقتَ رَبعاً كانَ يرجو عوْدةً

لم يدرِ أنَّ رجاءَهُ سيخيبُ

إن كنتَ قد سافرتَ غيرَ مُودِّعٍ

فقد اقتَفَتْكَ وشَيَّعتْكَ قُلوبُ

فعليكَ من لدُنِ المُهَيْمنِ رحمةٌ

يَسقي ضريحَكَ غيثُها المَسكوبُ

قد كنتَ تُرضِي اللهَ حَسْبَ كتابهِ

فَلَكَ الرِّضَى في لَوحِهِ مَكتوبُ