تمضي النفوس كبيرها وصغيرها

تَمضي النُفوس كَبيرُها وَصَغيرُها

طُرّاً فَتِلكَ إِلى الفَناءِ مَصيرُها

كُلٌّ بذي الدُنيا رَهينةُ ساعةٍ

فَإِذا أَتَت لا يُرتَجى تَأخيرُها

تَتَفاوَتُ الأَعمارُ لَكِن يَستَوي

عِندَ المَماتِ طَويلُها وَقَصيرُها

هَيهاتَ ما الدُنيا بِدارٍ يُرتَجى

فيها البَقاءُ وَلا يَتمُّ سُرورُها

وَالمَوتُ غايةُ كُلّ نَفسٍ فَاِستَوَت

عِندَ اللَبيبِ قُصورُها وَقُبورُها

اِبنِ الحُصونَ العاصِمات لِأَهلِها

أَقوى خَوَرْنَقَها وَدكَّ سَديرُها

وَمَضَت لبانات المُلوكِ وَعَفَّرت

تَحتَ التُرابِ رُؤؤسَها وَصُدورها

عدمٌ تمثَّلَ في الوُجودِ كَأَنَّهُ

صُوَرٌ عَلى المرآةِ لاحَ مُرورُها

في ذمةِ اللَهِ الكَريمِ كَريمةٌ

قَد كانَ في ثَوبِ العَفافِ مَسيرُها

هِيَ كَالحَمامةِ في الوَداعةِ وَالنَقا

طارَت فَحَلَّقَ في السَماءِ مَطيرُها

لَم تَدرِ ما دنس المَعاصي في الوَرى

يَوماً وَوَعدُكَ أَن يَفوزَ نَظيرُها

سارَت بِلا نَكدٍ وَأَبقَت بَعدَها

حرقاً تَأَجَّجَ في القُلوبِ سَعيرُها

تَرَكتْ لِوالدِها الكَريمِ حَشاشةٌ

حَرّى يَجَفِّفُ مَدمَعيهِ زَفيرُها

تِلكَ الصَغيرةُ غَير أَنَّ مَصابَها

جَلَلٌ إِذا اِعتَبَرَ الأُمورَ خَبيرُها

وَالحُزنُ يَتبَعُ حُبَّ مَن فارَقَتَ لا

أَيامَ مَفقودٍ يعدُّ كرورها

صَلى الإلهُ عَلى ضَريحٍ ضَمَّنَهْ

قَد غابَ مِن تلكَ الأَشعَّةِ نُورَها

أَرضٌ لَقَد دُفَنَ الجَمالُ بِطيّها

وَلِذاكَ تنبتُ بِالجَمالِ زُهورَها

سارَت بِمحمَلِها الرِجالُ وَسارَ في

أَيدي مَلائكةِ السَماءِ سَريرُها

وَثَوَت بِأَكنافِ التُرابِ وَنَفسُها

فَتَحَت لَها ضِمنِ السماءِ خُدورُها

لا زالَ يوردُها الالهُ نَعيمهُ

أَبَداً وَغادِيةُ السَحابِ تَزورُها