خلت ساحة الحرب من كل رب

خَلَت ساحَةُ الحربِ مِن كُلِّ رَبِّ

فَعَجَّ العَجاجُ بِطَعنٍ وَضَرب

فمِن سِمُوِيسٍ إِلى زَنثُسِ

قِراعُ السُّيُوفِ ومَدُّ القِسي

فَبَادَرَ بالقَومِ أَوَّلُ بادِ

أَياسُ يشُقُّ صُفُوفَ الأَعادي

فَفَرَّجَ أَوَّلَ هَمٍّ وَباسِ

بَصَرعِ ابنِ إِفسُورُسٍ أَكمَاسِ

أَشَدُّ الثِّراقَةِ بَأساً شدِيد

وَجَبَّارُ هَولٍ وقَرمٌ عَنيد

لَوَاهُ أَياسُ بِطَعنتِهِ

فَغَارَت بِقَلبِ تَرِيكتِه

وَشَقَّت إِلى عَظمِ الجَبِينِ

فَجُندِلَ مَيتاً غَضِيضَ الجُفُونِ

تَلاهُ ابنُ تَثراكَسيلُ الأَغَرُّ

نَزِيلُ أَرِسبا الغَنِيُّ الأَبَرُّ

فَفِى مَضرَبِ السُّبلِ كانَ يَطُوف

يُغِيثَ العِبادَ وَيَقرِي الضُّيُوف

وَفَوقَ الطَّرِيقِ بَنَى دَارَهُ

لِيُكرِمَ بالقُربِ زُوَّارَهُ

أَعانَ وَلَم يُجدِهِ ما أَعانا

وَلم يَكُ مَن عَنهُ يَلقى الطِّعانا

بِسيَفٍ ابنِ تِيذِيُسِ صُرِعا

وَخادِمُهُ كَلسِيُوسُ مَعا

وَخَرَّ أُفَلطُ كَذَاكَ ذَرِيس

بعَامِلِ فُريالَ صَدرَ الخَمِيس

فَراحَ وَأَبقَاهُما بالزَّفِير

على أَسفُوسَ وفيذَس يُغِير

حَفِيدَي حَلِيفِ العُلى لَومدُونا

وَفرعضينِ مِن بِكرِهِ بُقلِيُونا

نَشا خِفيَةً بُقلِيونُ بِحِجرِ

فَتاَةٍ أَحَبَّ أَبُوهُ بِسرِّ

وَلَمَّا تَرعرَعَ ساقَ الشِّياه

فَرامَتهُ إِحدى بَنَاتش المِيَاه

فَدانَ لِبَربارَةٍ قَلبُهُ

وَعن تَوأَمَينِ انجلى حُبُّهُ

فبأسَهُما ابنُ مِكستَ أَبَادا

وَنالَ سِلاحَهُما مُستفادا

وفُولِيفِتيسُ رَمى أَستِيَالا

وأُوذِيسُ بالرُّمحِ مالَ وَصالا

جَرى يَطعَنُ الفَرقُسِيَّ فِذِيت

وطِفقيرُ آريتَوُونَ يُمِيت

وَأَصمى ابنُ نَسطُورَ أَنطِيلُخُس

بِنافِذِ عاسِلِهِ ابلِرُس

وَأَترِيذُ مَولى المَوَالي قَتَل

إِلاتُوسَ قَرمَ فِداسا البَطَل

وفِيلاقُ وَلَّى يَرُومُ الفِرارا

فَنَالَ بِطَعنِ لِطُوسَ البَوَارا

وميلَنثُيوسَ رَخمى أُورِفِيل

وَأَذرَستُ حَيًّا دَهاهُ مَنِيل

فَجَيشُ الطَّرَاوِدِ والفَتك دار

بِهِم قد تَرامَوا بِبَابِ الدِّيار

وأَذرَستُ شَبَّت تُغِيرُ الخُيُول

بهِ جامحاتٍ بِتِلكَ السُّهُول

بِغُصنٍ مِنَ الأَثلِ والكَبكَبَه

تُبَارِيهِ أُنشِبَتِ المَركَبه

فَسُحِّقَ مِضمَدُها وَالجِيَاد

أَغارَت وَقد أَفلَتَت لِلبِلاد

وأَذرَستِ للأَرضِ مُذ صُرِعا

إِزاءَ مَحالاتِها وَقَعا

فَأَدرَكَهُ وَهوَ يَجرِي مَنِيل

بِرُمحٍ طَوِيلٍ وَسَيفٍ صَقِيل

عَلى رُكبَتَيهِ تَراَمَى ذَلِيلا

وَقالَ أَلا فاعفُ وَارضَ بَدِيلا

فَإنَّ كُنُوزَ أَبي بِادِّخارِ

حَدِيداً وصُفراَ وَصافي نُضارِ

فَإِن تَعفُ عَنِّي فَأُقتَادَ حَيّا

لِفُلكِكَ يُولِكَ كَنزَاً مَهَيَّا

فَرَقَّ وَكادَ إِلى صَحبِهِ

يُشِيرُ إِلى الفُلكِ تَمضي بهِ

إِذا بِأخيهِ يَشُقُّ الصُّفُوفا

لِيُولِيهِ عَذلا وَلَوماً عَنِيفا

تَعِستَ مَنِيلا وَأَنتَ تُلاَم

عَلامَ رَحمِتَ أُولاءِ الِّلِئَام

بِأَيِّ خَنىً لَم يُسِيئُوا إِلَيكا

وَاَيَّ أَسىً لَم يهِيلُوا عَليكا

أَجَل فَليَبِيدُوا وَيَفَنَ الجَمِيعُ

فَتَاهُم وشَيخُهُمُ والرَّضيعُ

وَلاَ يَنجُ ناجٍ وَتَبلَ الجُسُومِ

وَلا يَعلُ قَبرٌ وتُمحَ الرُّسُومَ

أَصاخَ مَنِيلاً لَهُ وَارعَوَى

وَأَذرَستَ صَدَّ بِكُلِّ القُوَى

وَفي خَصرِهِ آغَمَمنُونُ أَلقى

سِناناً يُشَقِّقُ أَخشاه شَقَّا

وَداسَ عَلى صَدرِهِ وَاسجَرَّهُ

وَنَسطُورُ صاحَ يُشَدِّدُ أَمرَه

أَيادَانَوِيُّونَ آلَ الطِّرادِ

مَوالي أَرِيسَ رَقِيبِ الجِلاَدِ

فَمنكُمُ لا يَتَخَلَّف كَمِي

عَلى السَلبِ وَالكَسبِ كَي يَرتَمِي

فَيقفُلَ لِلقُلكِ فيما ادَّخَر

فَيلهُو وَذا اليَومُ يَومُ الظَّفَر

أَبِيدوا الرِّجالَ بِدارِ النِّزِال

فَيَخلُو المَجالُ وَثَمَّ المَنال

فَهاجَت بِهِم نَفَثاتُ الحَمِيَّه

وَماجَت تَجِيشُ النُّفُوسُ الأَبِيَّه

وَكادَ الطَّرَاوِدُ وَالعَزمُ خارا

يُوَلُّونَ نحوَ الدِّيارِ فِرارا

وَلَولا أَخُو هَكطُرٍ هِيلنُوس

أَجَلِّ العَوارِفِ يَثنِي الرُّؤُوس

لَوَلَّوا وَلَكِن أَتَى هَكطُرا

وَأَنيَاسَ يَبغِيهِما مُنذِرا

أَلا مُذ تَحَمَّلتُما الفادِحاتِ

وَمُذ كُنتُما رَأسَ كُلِّ الكُمَاةِ

بِسَلِّ القوَاضبِ بَأسٌ شدِيدُ

وَحَلِّ المصاعبِ رَأيٌ سدِيد

قِفا استَوقِفا الجُندَ عندَ الحُصونِ

لِئلأَ تُوَلِّي اتِقاءَ المَنُونِ

وَطُوفا بِهِم بِخَفِيفِ القَدَم

أَثِيرا القُوَى وَاستَحِثَّا الهِمَم

مَخَافَةَ أَن يُدفَعُوا بالأَسَى

مُوَلِّينَ حَتَّى حُجُورِ النِّسا

فَإِمَّا التَّجَلُّدُ مِنَّا بَدا

أَمِنّا شَماتَةَ لُدِّ العِدى

وَنَحنَ إِذا الجَاشُ بِالجَيشِ ثارا

لَبِثنا نَذُودُ وَنحمِي الذِّمارا

فَلا نَجوَةٌ مِن دَوَاعِيَ الضَّرُورَه

وَإِن بَلَغَ العَيُّ مِنَّا أَخِيرَه

وَإِن نَهَضَ العَزمُ بَينَ الجَمِيع

أَهكطُورُ فَاجرِي سَريعاً سَرِيع

إِلى أُمِّنا طِر وَقُل تَذهَبُ

جَمِيعَ النَّبِيلاتِ تَصطَحِبُ

وتَمضي إِلى قُمَّةِ القَلعَةِ

لِهَيكَلِ فالاسَ بالسُّرعَةِ

وَتُفتَحُ في الحالِ أَبوَابَهُ

وَتَدخُلُ بالذُّلِّ أَعتابَهُ

وتَحمِلُ أَبهى نِقَابٍ لَدَيها

لِيُسبَلَ فِيهِ عَلى رُكبَتَيها

وَتَنذُرُ عِندَ اندِفاعِ البَلِيَّه

تَقُودُ اثنَتَي عَشرَةً لِلضَّحِيه

تَبَائِعَ ما قُرِنَت تَحتَ نِير

إِذا هِي مَنَّت بِدَرءِ الشُّرُورِ

وَحَنَّت لِدَمعِ النِّسا وَالبَنِين

وَمَنَّت عَلَينا بِحِرزٍ أَمِين

وَصَدَّت ذِيُومِيذَ رَوعَ البِلادِ

نَذِيرَ البَلا واندِكاكِ العِمادِ

نَعَم هُوَ ظَنِّي أَشَدُّ العدى

وَأَطوَلُهُم صَولةً وَيَدا

وَلَستُاحاشي كَذَاكَ أَخِيلا

وَإِن كان لِلرَّبَّةِ ابناً جَلِيلا

فَهاكَ تَراهُ تَحَدَّمَ نارا

وَاأذكى الأُوَار فَلَيسَ يُجَارى

فَما كادَ يُحمِلُ قَولاً وَقَع

لِمُهجَةِ هَكطُورَ حَتَّى اندَفع

وَهَبَّ يُغِيرُ مِنَ العَجَلَه

وَعُدَّتُهُ تُرسِلُ الصَّلصَلَه

يَهِزُّ القَنا وَبخوضُ الصُّفُوف

يَهِيجُ النُّفُوسَ لِقَرعِ الحُتُوف

فَهاجَ الطَّراوِدُ بَأساً وماجُوا

وَتحتَ خُطاهُمُ عَجَّ العَجاجُ

فَصُدَّ الاَغارِقُ قَتلاً وَزَحفا

وَكَفُّوا عَن الطَّعنِ والضَّربِ كَفَّا

وَخالُوا وَقد بَلَغَ البَأسُ حَدَّه

بَني الخُلدِ قد رَفَدُوهُم بِنَجدَه

وَهَكطُورُ وَالقَرعُ يَعلُو صَدِيدُه

بِهِم صاحَ كالرَّعدِ يَدوِي هَدِيدُه

أَقَومَ الطَّرَاوِدِ جُندَ البُؤوس

وَنُجَّادَهُم مُسجِيشي النُّفُوسِ

فَها أَنا أَقصُدُ أَبراجَنا

لأَلقى الشُّيوخَ وأَزواجَنا

لِكَي يَنهَضُوا وَبِنَذرِ الضَّحيَّه

يُآلُوا ادِّراءً لِهذي البَلِيَّه

فَلا تبرَحُنَّ كَعَهدي بِكُم

بِتَصعِيدِكُم وَبِتَصوِيبِكُم

وَلَمَّا انتَهى راحَ تَوّأً يَسِيرُ

عَلى قَدَمَيهِ وَكادَ يَطِيرُ

وأَهدَابُ مِجوَبِهِ الأَسحَمِ

مِنَ الرَّأسِ تَضرِبُ لِلقَدَمِ

فَشَقَّ غُلُوكُسُ صَفَّ الرِّجال

كَذاك ذِيُومِيذُ يَبغي القِتال

وَعِندَ التَّلاقي وَقَد بَلَغا

خِلالَ الجُيُوشِ مَرامي الوَغى

ذِيُومِيذُ بادَرَهُ بالسُّؤال

فَمَن أَنتَ قُل يا أَشَدَّ الرِّجالِ

فَإِنَّكَ ما لُحتَ لي قَطُّ قَبلا

وَسُمرُ العَوَامِلِ تَفتَلُّ فَلاَّ

وَإِنّي إِخالُكَ فُقتَ الجَمِيعا

لأَنَّك لَم تَخشَ فَتكي الدَّرِيعا

فَوَيلَ أَبٍ لَم يَهَبَني ابنُهُ

فَلا شَكَّ يُهلِكُهُ حُزنُهُ

فَإِن كُنتَ مِن قَومِ آل الخُلُود

فَقُل وَاصدُقَنِّيَ حَتَّى أَعُود

فَلِيكُرغُ قاوَمَ آلَ السَّما

فَما قامَ قائِمُهُ بَعَد ما

تَقَفَّى مَرَاضِعَ رَبِّ الخُمُورِ

عَلى طَودِ نِيسا خِلالَ الصُّخُورِ

فَرَوَّعَهُنَّ بسَوطِ الفَنا

فَأَسقَطنَ من يَدِهنَّ القَنا

وَرِيعَ ذِيُونِيسُ مِنهُ وَغاصا

إِلى لُجَّةِ البَحرِ يَبغِي الخَلاصا

فَضَمَّتهُ ثِيتِس إِلى صَدرِها

تُخَوِّلُهُ الأَمنَ في بَحرِها

وَلِيكُرغُ مِن ثَمَّ كُلُّ إِلاه

يَعيشُ بدارِ النَّعِيمِ قَلاه

وزَفسُ بَلاهُ بِكَفِّ البَصَر

وَأَهلَكَهُ عِبرَةً لِلبَشَر

أَنا لَستُ أَبغِي لِقاءَ الأُولى

أُنِيلُوا الصَّفا في الدِّيَارِ العُلى

فإِن كُنتَ تُغذَى نِتاجَ التُّرَاب

فَأَقبِل وَذُق مِن ذِرَاعي العَذَاب

فَقالَ عَلامَ اقتَصَصت الخَبَر

وَنَحنُ كَأَوراقِ هَذِي الشَّجَر

فَبَعضاً يُبِيدُ الهَواءُ وَبَعضُ

عَلى مَنبِتٍ بائِدِ النَّبتِ غَضُّ

فَفِي كُلِّ عامٍ نَباتٌ أُبِيدا

بِهِ الغَابُ تُنمِي رَبِيعاً جَدِيدا

وكُلٌّ عَلى إِثرِ كُلِّ مَشَى

فَجِيلٌ تَلاشَى وَجِيلٌ نَشا

وَلَكن إِذا شِئتَ مِنِّي الحَسَب

فَإِنِّيَ مِمَّن سَما وَانتَسَب

فَغِيفيرِيا بَلَدٌ مِن بِلادِ

بأطرافِ أَرغُوسَ أَرضِ الجِيادِ

بِها كَانَ سيسيفُ أَدهَى الأَنامِ

سَلَيلُ أَيُولا عَزِيزَ المَقامِ

وكانَ غُلُوكُس لَهُ ابناً كَما

لِهَذا بَلِيرُوفُنٌ قَد نَما

فَفاق بَلِيرُوفُنٌ بالجَمالِ

وَمَمُتَدَحِ البَأسِ كُلَّ الرِّجالِ

وَقَد كانَ قَيَّضَ زَفسُ انتِصارا

لإِفرِيطَ فاحتل تِلكَ الدِّيارا

وَدانَت لَهُ كُلُّ تِلك الأُمَم

كَذَاكَ بَلِيرُوفُنٌ ذُو العِظم

وَلكِنَّ إِفرِيطَ أَضمَرَ شَرَّا

لَهُ إِذ رآه تَرَفع قَدرا

فَبَادَرَ يَطرُدُهُ مُستَبِدَّا

وَزَوجةُ إِفرِيطَ رَامتَهُ وَجدا

وعَن نَفسِهِ رَاوَدَتهُ فَأَعرَض

عَفافاً وَلِلعرضِ لم يَتَعَرَّض

لَهُ أَضمَرَت أَنتِيَا كُلَّ شَر

وَقالَت لإِفرِيطَ تُهمِي العِبَر

فمُوتَنَّ أَو فَليَمُت مَن أَراد

بِأَهلِكَ سُواً سَحيقَ الفُؤَاد

تَحَدَّمَ أِفرِيطُ لِكِن خَشِي

نَذِيراً خَفِيًّا وَلم يَبطُشِ

وَخَطَّ عَلى رُقعَةٍ مَهَرا

رُسُومَ الحِمامِ كما أَضمَرا

وَسَيَّرَهُ لِحِمِيهِ المُبَجَّل

بِلِيقِيَةٍ بالكِتابِ لِيُقتَل

فَسارَ وَآلُ العُلى حَرَسُ

عَلَيهِ لِحيثُ جَرَى زَنثُسُ

تَلَقَّاهُ بالِبِشرِ مَولى البِلاد

وَأًكرَمَ مَثواهُ ضَيفاً وَزَاد

فَتِسعُ لَيَالٍ كَذَا عَبَرَت

عُجُولٌ بِعِدَّتها نُحِرَت

وَلَمَّا انجَلى عاشِرُ العَشَرَه

بِوَردِيِّ أَنمُلِهِ النَّضِرَه

بَدا مُلكُ لِيقِيةٍ بالخِطاب

فَأَلقى الرَّسُولُ إِلَيهِ الكِتاب

فَلَمَّا تَنَاوَلَهُ وَتَلاهُ

لِقَتلِ الخَمِيرَةِ حالاً دَعاهُ

مُرَوِّعَةٌ مِن بَناتِ الخُلُود

على قُمَمِ الشُّمِّ قَسراً تَسُود

لَها رَأسُ لَيثٍ على ذَيلِ أَفعى

عَلى جِسمِ تَيسٍ مِنَ المَعزِ يَرعى

وَمن فَمِها نَفَثاتُ الأُوَار

تَقَاذَفُ ناراً تُثيرُ الشِّرار

ولكِن بآلِ العُلى وَثِقا

وكُلَّ وُجُودٍ لَها مَحَقا

وَثَنَّى بِقَتلِ رِجالِ البُؤُوسِ

عِظامِ السُّليمَةِ شُمِّ الرُّؤُوسِ

وَثَلَّثَ يَفتُكُ وَالمُرهِبات

أَمازُونَةَ الهَولِ حَتفاً أَمات

وَما كادَ يَفرَغُ حَتَّى أُقِيم

لَهُ ذلك اليَومَ مِن أَثَرِ

فَريعَ المَليكُ وَكفَّ الاأَذِيَّه

وأَيقَنَ عِزوَتُهُ عَلَوِيَّه

وَأَعلاهُ مُستبقِياً بالجَلالِ

وَأَنكَحَهُ ابنَتَهُ بِاحتِفالِ

وَشاطَرَهُ الحُكمَ والشَّعبُ رام

يُقِيمُ لَدَيهِم عَزِيزَ المَقام

لِذَا أَقطَعُوهُ هِباتٍ غَزِيرَه

جَناناً حِساناً وَأَرضاً وَفِيره

وَقد وَلَدَ ابنَينِ إِيسَندَرا

كَذَاهِفِلُوخَ الرَّفيعِ الذُّرى

ولَوذَميَةَ المُجتَباةَ وَمَن

بِها هامَ زَفسُ شَجاً وَاقتَرَن

وَمِنها نَشا سَرفِدُونُ المُعَلَّى

وَلَكِن بَلِيرُوفُنٌ سِيمَ ذُلاَّ

فَراحَ يَهيمُ على آلِسِ

بَعيداً عَنِ النَّاسِ وَالمُؤنِسِ

فَحُطَّ لَدى ساكِني الخُلدِ قَدرا

وَسامُوهُ بَعدَ التَّرَفُّع قَهرا

فإِيسَندَراً آرِسٌ قَتَلا

بِحَربِ السُّلِيمَةِ رَوعِ المَلا

ولَو ذَميَةٌ أَرطَمِيسُ قَلَتها

وَلضم تَعدُ مِن بَعدُ أَن جَندَلَتها

وَظَلَّ هِفُولُوخُ حَيًّا لَنا

فَذاكَ أَبي وَهوَ أَرسَلَنا

فَقَد حَثَّني أَن أَخُوضَ المَجالا

وَأَلقَى بِصَدرِ الجُيُوشِ الرِّجالا

وَأُعلي مَنارَ جُدُودِي الأُولى

أُنِيلُوا الفَخارَ وَشادُوا العُلى

فَهُم دَوَّخُوا كُلَّ قَرنٍ عَتا

بِليقِيَةٍ وَبإِيفِيرِيا

فَذا نَسبٌ فيهِ يعتزُّ مِثلي

وَهذا إِذَا شئتَ أَصلي وفَصلي

فَكَفَّ ذِيُومِيذُ مُستَبشِرا

وأَركَزَ عاسِلَهُ في الثَّرى

وَقالَ إِذاً لَكَ حَقُّ الإِخاءِ

عَلَيَّ وَإِنِّي حَلِيفُ الوَلاءِ

أَتَدرِي لأُونَفَسَ جَدِّي قَدِيما

بَلِيرُوفُنٌ كانَ ضَيفاً كَرِيما

وَعشِرينَ يَوماً لَهُ خَلَتِ

أَقامَ على الرُّحبِ والسَّعَةِ

وَقد أَحكما لِلوِفاقِ الوِثاق

قُبَيلَ حُلولِ أَوَانِ الفِراق

فَجَدِّيَ أَهدَاهُ أَبهَى نِجادِ

تَوَشَّت بِبِرفِيرِها المُستَفادِ

وَجَدًُّكَ كأسَ نُضَارٍ أَغَر

إِلى الآنَ في مَنزِلي تُدَّخَر

وَإِنّي أَبي تِيذِيُس ما رَأَيتُ

وَلكِنَّني عَنهُ هذا رَوَيتُ

فَقَد كُنتُ في المَهدِ لِمَّا الأَخاءَه

بِثِيبةَ بادَت وَمِنها الإساءَه

فَإِنَّا تَرَانا حَلِيفَي وَدَاد

وَما بَيننا لا يَحِلُّ الجِلاد

فَأَنتَ بِأَرغُوسَ ضَيفي الجَلِيلُ

وَفي لِيقيا لَكَ إِنّي نَزِيلُ

كَفَانِيَ ما فِي العِدى مِن رِجال

أَصُولُ عَلَيها فَتَلقى الوَبال

سَوَاءٌ بَنُو الخلدِ ساقَت لِباسي

أَوِ احتَحتُها مُستَطِيلاً بِنَفسي

وَأَنتَ كَفَاكَ بِقَرعِ البَلا

رِجالٌ تَرُومُ لَها مَقتَلا

وَخُذ لِلوِفاقِ سِلاحي دَليلا

وَهاتِ سِلاحَكَ عَنهُ بَدِيلا

لِيُعلَمَ أَنَّا نُرَاعي العُهُود

وَحُرمةِ آَبائنا والجُدُود

هُنَاكَ تَرَجَّلَ كُلُّ فَرِيق

وَبَعدَ التَّصَافُحِ عَهدٌ وَثِيق

وَزَفسُ غُلُوكُس رُشداً سَلَب

فَنَالَ نُحاساً وَأَعطى ذَهَب

فَشِكَتُهُ مئَةٌ عُجُول

تُساوِي وَذِي تِسعَةٌ لا تَعُول