بشارة خير بالسعود مصاحب

بِشارةُ خَيرٍ بِالسّعودِ مُصاحبٍ

لَقَد سرَّتِ الأَرواح مِن كلِّ صاحِبِ

وَأُلبِسَتِ الأَكوان ثَوبَ مَسرَّةٍ

فَماسَت بِها تَختالُ مَيْسَ الكَواعِبِ

وَمَدَّت عَلى الآفاقِ أَنوارَ بَهجَةٍ

فَضاءَت بِها الآفاقُ مِن كلِّ جانِبِ

وَأَرقَصَتِ الأَكوانَ وَالأَرضَ وَالسّما

وَلا رَقصَ يَبدو مِثل رَقصِ الكَواكِبِ

تُخَبِّرُ أَنَّ الوقتَ قَد صارَ صافِياً

وَسَلَّ عَلى الأَكدارِ أَقطع قاضِبِ

تَقولُ رِدوا ماءَ المَسَرَّةِ مَنهلا

فَقَد طابَ هَذا الآن صفو المَشارِبِ

تَقولُ اِنظُروا شَمسَ المَعالي لَقَد بَدَت

تَشَعشَعُ نوراً سادَ كلَّ المَذاهِبِ

بِمَطلَعِ مَجدٍ في ذُرى العِزِّ وَالعُلى

مِنَ الشّرفِ الأَعلى بِأَسمى المَراتِبِ

بِدَولَةِ عِزٍّ في مَفاخِرِ سُؤدَدٍ

بِمَوكِبِ سَعدٍ مِن أَجلِّ المَواكِبِ

بِرفعَةِ قَدرٍ في مَعالي مَكارِمٍ

بِمَنصِبِ جاهٍ مِن شَريفِ المَناصِبِ

وَخُصَّت ثريَّا المَجدِ فيها تحلّها

فَيا عَجزَ أَطماعِ اِزدِحامِ المَناكِبِ

هَناءٌ لَكُم فيها وُجوداً وَمَشرِقاً

بِكلِّ جِهاتِ الأُفقِ حتّى المَغارِبِ

وَلَم تَكُ تِلكَ الشّمسُ إِلّا أَميرنا

هِزَبر الشّرى الضّرغام مُردي الكتائِبِ

أَمير المَعالي بِالعَوالي وَبِالنّدى

وَبِالمُرهفاتِ المصلتاتِ العَواضبِ

إِذا صالَ فَهوَ اللَّيثُ في حَومَةِ الوَغى

لَهُ السّيفُ وَالأَرماحُ أَقوى مَخالِبِ

فَإِنْ يَسطُ في الهَيجاءِ يَسطُ كَضَيغَمٍ

وَيُبدِ مِنَ الأَهوالِ كُلَّ العَجائِبِ

يَخوضُ قَوِيَّ القلبِ بَحرَ مَعامِعٍ

وَيَدخُلُ في تَيّارِهِ غَيرَ هائِبِ

وَيَعدو عَلى طِرْفٍ كَريمٍ مُحجَّلٍ

أَغرَّ ذَريعٍ سَلهبٍ غير شازِبِ

يُسابِقُ مُرَّ الرّيحِ وَالبرقِ إِن عَدا

وَجَبهَتُه قُرب النّجومِ الثّواقِبِ

فَلَو صاحَ بِالأَعداءِ صَيحَةَ ضَيثَمٍ

رَأَيتهُمُ ما بَينَ مَيْتٍ وَهارِبِ

وَشِمتَ مِنَ الأَهوالِ شبّانَهم غَدَوا

وَلِمَّتُهم شابَت ضِعافَ الأَشايِبِ

إِذا اِنقَضَّ كَالعقبانِ حينَ اِنقِضاضِها

فَقَلبُ العِدى بِالرّعبِ أَسرَعُ ذائِبِ

أَميرٌ رَفيعُ القدرِ عِزُّ بَني العُلى

وَنَجدَتُهم في حين وَقعِ الشّصائِبِ

مُحمّدٌ المَحمودُ فِعلاً وَشيمةً

وَخَلقاً وَأَخلاقاً عَلَت عَن شَوائِبِ

أَبو الحلمِ بَحر الجودِ مَنْ بَذلُ كَفِّهِ

تَكَفَّلَ في إِزراءِ وَبْلِ السّحائِبِ

حَباهُ إِلَهُ العَرشِ مِنهُ بِرُتبَةٍ

تَسامَت ذُرى العَلياء فَوقَ المَناكِبِ

غَدَت سِرّ بوابينَ تُدعى وَإِنّها

هِيَ الغرّةُ البيضا بِوَجهِ المَراتِبِ

عَلَيهِ بِها جادَت مَكارِمُ دَولَةٍ

هِيَ الدّولَةُ الحَسناءُ ذاتُ المَناقِبِ

هِيَ الدّولَةُ العَلياءُ قَد قَلَّ مثلُها

وَهَل قَد سَما إِلّا قَليلُ الضّرائِبِ

سَمت بِاِبنِ عُثمان المليك الّذي لَقَد

تَوَرّثَها جَدّاً لِجَدٍّ إِلى أَبِ

أَتَتهُ عَلى أَيدي الوزيرِ أَبي العلا

سَمِيِّ اِبنِ داود الحميدِ المَكاسِبِ

بِهِمّتِهِ العليا وَفي عَزمِهِ الَّذي

هُوَ السّيفُ بَل أَمضى مَواضي القواضِبِ

إِذا اِستَلَّهُ فيما أَرادَ وَرامَهُ

تَراهُ بِهِ لا شَكّ أَسرعَ ضارِبِ

فَلا زالَ يولى ذا الوزيرُ مِنَ العلى

مَراتِبَ مَجدٍ فيهِ عزّ المَناصبِ

فَيا أَيّها الفَخمُ الأَميرُ الَّذي اِرتَقى

جَهاراً سَنامَ المَجدِ مِن غَيرِ حاجِبِ

وَمَن هُوَ في أَهلِ المَراتِبِ وَالعُلى

إِذا ما بَدا كَالشّمسِ بَينَ الكَواكِبِ

إِلَيكَ أَخا الإِحسانِ وَالجودِ وَالنّدى

وَليدةَ فِكرٍ صُنتَها عَن مَثالِبِ

وَإِنّي بِإِبريزِ البَلاغَةِ صُغتها

وَأَلبَستها مِنها ثَمينَ الجَلابِبِ

وَزيَّنْتُ مِن دُرِّ اِمتِداحكَ جيدَها

وَيَزهو بِدرِّ المَدحِ تَزيينُ كاعِبِ

وَأَرسَلتُها عَنّي تُهَنّي نِيابَةً

وَفي ذاكَ عَنّي تِلكَ أَحسَنُ نائِبِ

وَكانَ بِها يَسعى لِذلكَ واجِباً

وَلَكِنّني أَقضي بِها بَعضَ واجِبِ

فَهَبها بِإِقبالٍ قَبولاً مَعَ الرّضا

فَمِنكَ الرِّضا لا شَكّ أَسنى المَواهِبِ

وَدُم في ضَمانِ اللَّهِ بِالعزِّ وَالعُلى

مُهنّاً رَغيدَ العَيشِ صافي المَشارِبِ

بِراحَةِ قَلبٍ ثمّ جِسمٍ وَفِكرَةٍ

مِنَ الغمِّ ثمّ الهمّ ثمَّ المَتاعِبِ

صَحيحاً طَويلَ العمرِ تحمى مِنَ الأَذى

وَتَبدو عَلى الأعداءِ أَظفر غالِبِ

مَدَى الدّهرِ ما قَد لاحَ أَو غابَ كَوكَبٌ

وَكانَ بِنورِ البدرِ مَحو الغَياهِبِ

وَهَبَّت نَسيمٌ وَالحَمائِمُ غَرَّدَت

فَأَبدَت مِنَ التغريدِ كلَّ الغرائبِ

وَما جاءَ بِالأَفراحِ كلّاً وَبِالهَنا

بِشارةُ خَيرٍ بِالسّعودِ مصاحِبِ