بالوصل جد فأنا المحب المخلص

بِالوَصلِ جُدْ فَأَنا المُحبُّ المُخلِصُ

ما إِن لَهُ مِن أَسر حبّك مخلصُ

كَيفَ الخَلاصُ مِنَ الغَرامِ وَإِنّه

مِن شَأنِهِ أَن لَيس مِنهُ تَخلّصُ

يا اِبنَ المَحاسِنِ وَالبها إنّي اِمرُؤٌ

مِمّن بِعِشقكَ في المَحبّةِ أَخلَصوا

ما بالُ غَيري بِالوِصالِ خَصصتهُ

وَلِأيّ شَيء في جَفاك أخصّصُ

ما كانَ غَيري بِالصّبابَةِ وَالهَوى

في العاشِقين عَلى المَحبَّةِ يَحرصُ

لَو كانَ غَيري بِالحَريصِ عَلى الهَوى

فَعَلى هَواك أَنا المحبُّ الأَحرصُ

لا عِلمَ لي أَنّي رَأَيت عَنِ الهَوى

فيهِ على عَقِبَيهِ صبّاً ينكصُ

أَعَنِ الهَوى اِرتَدّ المُحِبّ بِسَلوةٍ

مَن يَرتَدِد فَهوَ الكَذوبُ ويخرصُ

وَمِنَ العُيون عُيونُ أَربابِ الهَوى

لا شَكَّ ينزلُ في الغَرامِ وَينقصُ

وَتَجنَّبوهُ كَأَنَّهُ ما بَينَهم

لا شَكّ أَجربُ بَل وَأَقرع أبرصُ

يا شَمس حُسنٍ وَالمَحاسِنُ ضَوؤها

كُلُّ البدورِ إِذا رَأَتها تنقصُ

فَإِذا طَلعت فَكلُّ قَلبٍ في الهَوى

وَجْداً يُصفّق بِالغَرامِ وَيَرقصُ

إِنّي اِمرُؤٌ قَد ماتَ سلواني وَفي

بَيتِ الغَرامِ عليّ حقّ تربّصُ

فَاِحذَر تَمُرُّ عَلى خَيالِكَ سَلوَتي

إِنّ السلوَّ فَعنهُ حظّي يقلصُ

حَظّي هَواكَ وَصَبوتي لي مَذهَبٌ

عَن حالِ وَجدي وَالغرام يلخصُ

قَدْ رَقَّ فيكَ تَشبّبي وَتَغزُّلي

وَعَلى الرّقيقِ مِنَ التغَزُّلِ أَفحصُ

أَنْحُو الغَريبَ بَلاغَةً وَسَلاسَةً

إِذْ أَنتَقيهِ وَفي الخَيالِ أشخِّصُ

لَم يَحلُ لي لِسواهُ منهُ تَخلّص

بَل قلَّ مِنهُ إِنّني أَتَخلَّصُ

نِعمَ التّشبّب بِالجَمالِ وَأَهله

يَحلو إِلى التّمداحِ مِنهُ تَخلُّصُ

لَكِنّني طول المَدى مِنه إِلى

مَدحي عَليّاً لي يَطيبُ المخلصُ

شَمسُ الكَمالِ المُعتَلي أَوج السّهى

مَنْ لِلمَعالي داسَ مِنهُ الأَخمَصُ

باني بُروجِ المَجدِ فَوقَ ذُرى السّهى

مِن سُؤددٍ بِيَدِ السّعودِ تجصّصُ

مَنْ مجدُه فيه الأماجد توجت

مَنْ عزّه العلياء فيه تقمص

رَبّ العَوالي وَالقَواضِبِ لَو غَلَت

مُهَجُ الأُسودِ لَديهِ أَضحَت ترخصُ

ما حالَ في الهَيجاءِ وَهوَ مُبارز

إِلّا وَأَبصارُ الضّياغِمِ تشخصُ

لَيثٌ تَفِرُّ مَخافَةً أسدُ الشّرى

مِنهُ عَلى جدّ الفِرار وَملصُ

فَكَأَنّهم عِندَ الكَريهَةِ باطِلٌ

وَكَأَنّهُ الحقُّ المُبينُ يُحصحصُ

مَعنُ السّخا بَحرُ النّدى مَولى الجدى

مَنْ جودُه للَّه قَد يَتَمحَّصُ

مَنْ حِلمُهُ جبل لِفَرطِ رُسوخِهِ

لا شَيءَ يَبدو في الزّمانِ ينصنصُ

لا زالَ بَدراً لِلمَعالي كامِلاً

وَقَدِ اِستَحالَ خُسوفهُ لا ينقصُ

وَيَدومُ في عِزٍّ وَسَعدٍ مشرقاً

وَيَعيشُ أَهنا العَيش لَيسَ ينغصُ

ما لاحَ بَرقٌ ما الكَواكِبُ في الدّجى

بِمَطارِفِ الأَنوارِ أَمسَت تَرقصُ

بَل ما المُحِبّ الصبُّ قالَ لِصَبِّهِ

بِالوَصلِ جُد فَأَنا المحبُّ المُخلصُ