المتكبرة

مَا أَضْيَعَ الحُسْنَ لمْ تُنْصِفْهُ رَائِعَةٌ

مِنَ القَصَائِدِ أَو لحَنٌ يُنَاجِيهِ

أَوْ لَوحَةٌ مِنْ بَدِيعِ الرَّسْمِ لَوَّنهَا

مِنَ المَشَاعِرِ فَيْضٌ قَدْ يُدَانِيهِ

أَوْ قِطْعَةٌ نحَتَ المَثَّالُ هَيْئَتَهَا

قَدْ مَاتَ في نحَتِهَا وَجْداً لِتُحْيِيهِ

فَاعْجَبْ لِفَاتِنَةٍ تجَفُو مَعَابِدَنَا

وَ تحَجُبُ الوَحْيَ عَنَّا إِذْ تُوَارِيهِ

تمَرُّ لاَهِيَةً عَنَّا وَ عَابِثَةً

بمِا نَقُولُ وَ تَنْسَى مَا نُعَانِيهِ

لَو أَنْصَفَتْ كَشَفَتْ أَسْرَارَ فِتْنَتِهِ

وَ عَلَّمَتْنَا دُنُوّاً مِنْ مَراقِيهِ

وَ في غَدَائِرِهَا غَابَتْ مَسَالِكُهُ

لاَ النَّجْمُ يَهْدِي وَ لاَ مَرْسى سَيُؤْويهِ

وَ لَوْ دَرَى الوَرْدُ مَا تطْوِي جَوَانحُنَا

مِنْ حُبِّهِ لَتَخَلَّى عَنْ تَعَالِيهِ

وَقَدْ يَكُونُ عَلَى عِلْمٍ بِصَبْوَتِنَا

لَكِنْ تَعَنُّتُهُ بِالدَلّ ِ يُغْرِيهِ

لَكَمْ أَفَضْنَا عَلَيْهِ مِنْ مَشَاعِرِنَا

أَكَانَ يحْسَبُهَا فَرْضَاً نُؤَدِّيهِ

يمْشِي عَلَى القَلْبِ مخُتَالاً بِهِ صَلَفٌ

كَأَنمَّا القَلْبُ عَبْدٌ مِنْ مَوَالِيهِ

إِنْ كَانَ يحَسِبُ فَرْطَ الحُبِّ يَدْفَعُنَا

إلي المَذَلَّةِ قَدْ خَابَتْ مَسَاعِيهِ

أَوْ كَانَ يَشْعُرُ أَنْ الحُسْنَ خَوَّلَهُ

حَقَّ العِبَادَةِ لاَ جَادَتْ غَوَادِيهِ

فَلَوْ يُكُونُ ِبهَا فَرْداً لمَا سَجَدَتْ

لَهُ الجِبَاهُ خُضُوعاً عِنْدَ نَادِيهِ

فَلْيَرْكَبْ المَوْجَ وَ ليُبْحِرْ لطِيَّتِهِ

فَلَنْ يَرانَا دُمُوعاً في مَرَاسِيهِ

إِنْ كَانَ يَشْمَخُ عَنْ عُجْبٍ يُدَاخِلُهُ

ممَّا تحَلَّى بِهِ مِنْ صُنْعِ بَارِيهِ

فَنَحْنُ نَشْمَخُ عَنْ نُبْلٍ وَ عَنْ شمَمٍ

إِنْ جَادَ جُدْنَا وَ إِنْ أَعْطَى سَنُعْطِيهِ

إِنْ تَاهَ تهِنَا وَ إِنْ أَبْدَى تَوَاضُعَهُ

أَعْطَيْنَا مِنْ كَنْزِنَا مَا سَوْفَ يُغْنِيهِ

إِنْ ضنَّ أَهْلٌ بِهِ زَهْواً وَ مَفْخَرَةً

فَأَهْلُنَا لَنْ يَقِلُّوا عَنْ أَهَالِيهِ

نحُبُّهُ حُبَّ أَكْفَاءٍ فَإِنْ رَضِيَتْ

بِنَا جَوَانحِهُ نَسْعَى لِنُرْضِيهِ

إِذَا أَتانَا فَتَحْنَا بَابَ قَلْعَتِنَا

وَ إِنْ تَوَلَّى فَلاَ حُزْنٌ يمُاشِيهِ

وَ قَدْ يَكُونُ بِنَا حُبٌّ لِطَلْعَتِهِ

لَكِنْ نجُازِيهِ قَرْضَ التِّيهِ باِلتِّيهِ

حُبٌّ بحُبٍّ يُسَاوِينَا وَ يجْمَعُنَا

في ظِلِ سَرْحَتِنَا أَوْ رُحْبِ وَادِيهِ

عُنْفٌ بِعُنْفٍ وَ إِعْصَارٌ بِزَوْبَعَةٍ

إِنْ جَارَ جُرْنَا وَ إِنْ أَرْخَى نُوَاتِيهِ

كَذَاكَ مَذْهَبُنَا في الحُبِّ وَاحِدَةٌ

بمِثْلِهَا وَ لَقَدْ نَسْخُو فَنُوفِيهِ

وَ قَدْ خَبِرْنَا ضُرُوباً مِنْ تَعَنُّتِهِ

فَمَا دَعَوْنَا بِأَنَّ الله يَهْدِيهِ

مَا عِنْدَهُ مِنْ كُنُوزِ الحُسْنِ يُعْدِلَهُ

مَا عِنْدَنَا مِنْ كُنُوزٍ سَوْفَ تُغْوِيهِ

لَهُ الجَمالُ وَ لي قَلْبٌ يُصَاحِبُنِي

تَزِيدُ في ثَرْوَة ِالدُّنْيَا مَعَانِيهِ

قَدْ مَرَّ بِالكَوّنِ حُسْنٌ مِثْلَ طَلْعَتِهِ

وَ غَابَ في دَوْرِة ِالأَيامِ زَاهِيهِ

لَوْ أَدْرَكَتْهُ يَدُ الفَنَّانِ عَاشِقَةً

لخَلَّدَتْهُ وَ زَادَتْ في تَسَامِيهِ

إِنْ نَرْسُمْ اللَّوْحَ عَنْ حُلْمٍ يُسَاوِرنَا

يَزِيدُ في حُسْنِهِ شَيئاً وَ يُغْلِيهِ

أَوْ نُرْسِلِ اللَّحْنَ مُنَسَاباً بِلَوْعَتِنَا

وَ نَبْعَثِ النَّارَ في دُنْيَا لَيَالِيهِ

أَوْ نَنْحَتِ الصَّخْرَ عَنْ عَزْمٍ يُطَاردُنا

بِأَنْ نُكََّونَ شَيْئاً قَدْ يُضَاهِيهِ

أَوْ نُنْشِدِ الشِّعْرَ إِعْجَاباً بِفِتْنَتِهِ

فَغَايَةُ الفَنِّ أَعْلَى مِنْ مَعَالِيهِ

وَ لَيْسَ مِنْ جُودِهِ فَنٌّ سَنُبْدعُهُ

بَلْ نحَنُ جُدْنَا عَلَيْهِ حِينَ نُبْقِيهِ

مخُلَّداً تحَفَظُ الأَجْيَالُ صُورَتَهُ

حِفْظَ الشَّفيقِ عَلَى أَغْلَى غَوَالِيهِ

لَقَدْ شَقِينَا وَ مَا نَشْقَى لِنَمْلِكَهُ

لَكِنْ لِنَمْلِكَ شَيْئاً لَيْسَ يَدْريِهِ

إِشْعَاعُ ذَاتِكَ شَيءٌ لَيْسَ تَعْرِفُهُ

في ذَاتِ غَيْرِكَ قَدْ يَلْقَى أَمَانِيهِ

وَ الشَّمْسُ يُبْصِرُهَا الرَّائِي فَيَمْنَحُهَا

مِنْ عِنْدِهِ كُلَّ مَعْنَى لَيْسَ تَعْنِيهِ

وَ لَوْ دَرَى سِرَّنَا أَعْطَى وَ كَلَّلَنَا

بِالغَارِ أَوْ قُبْلَةٍ بِالنَّارِ تُغْرِيهِ

هُنَالِكَ الفَنُّ مجَدٌ فَوْقَ مَسْرَحِهِ

يَزِيدُ في رَوْعَةِ الدُّنيَا تَلاَقِيهِ

مِسْكِينَةٌ هِيَ وَقْدَ النَّارِ مَا عَرَفَتْ

وْ جَرَّبْتُهُ لَزَادَتْ في تَلَظَّيهِ

وَ ذَلِكَ الجَسَدُ النَّاريّ لَوْ عُزِفَتْ

عَلَيْهِ أَهْوَاؤُنَّا رَقَّتْ حَوَاشِيهِ

وَ جَاءَ يَسْعَى عَلَى شَوْقٍ يُنَاشِدُنَا

أَنْ نُوفِدَ النَّارَ دِفْئاً في نَوَاحِيهِ

وَ النَّارُ بِالنَّارِ لَوْ أَدْنَتْ مَوَاقِدَهَا

مِنْ جَمْرِة ِأَيْقَظَتْ وَجْداً تُدَارِيهِ

إِذَاً لَعَادَ إِلي الأَكْوَانِ رَوْنَقُهَا

وَ طَالَعَ الأُفْقَ فَجْرٌ كَادَ يَطْوِيهِ

تَالله لَوْ سَارَتِ الأَفْلاَكُ سِيَرَتها

لَكَانَ مِنْهَا قَطِيعٌ في جَوَارِيهِ

لَسَوْفَ تَأْتِي ِبهَا الأَيَّامُ كَاسِفَةً

لِتنْشُدَ الظِلَّ في مجْرى سَوَاقِيهِ

وَ سَوْفَ يُنْشِدُهَا مَا كَانَ سَجَّلَهُ

يَوْمَ اللَّقَاءِ وَ عُمْقُ الوَجْدِ يُشْجِيهِ

يَا رَائِعَ الوَرْدِ مَزْهُوَّاً بِطَلْعَتهِ

لَسَوْفَ تَنْدَمُ عَمَّا كُنْتَ تَأْتيهِ

وَ قَدْ تَرَانَا نَزُورُ الرَّوْضَ أَرْمَضَهُ

وَهْجُ الهَجِيرِ وَعَيْثٌ في نَوَاحِيهِ

فَمَا أَتَيْنَاهُ عَنْ شَوْقٍ لحَاضِرهِ

لَكِنْ أَتَيْنَاهُ مِنْ عَطْفٍ لمَاضِيهِ

قَدْ كَانَ مَنْظَرُهُ بِالأَمْسِ يُبْهِجُنَا

وَ اليَوْمَ جِئْنَا بِشَوْقِ الأَمْسِ نَرْثِيهِ

قَدْ صَوَّحَ الوَرْدُ لاَ لَوْنٌ وَ لاَ أَرَجٌ

غَاضَتْ نَضَارَتُهُ إِذ غَابَ سَاقِيهِ

وَ قِيمَةُ الوَرْدِ لَيْسَ الوَرْدُ صَانِعَهَا

بَلْ قِيمَةُ الوَرْدِ شيءٌ عِنْدَ رائِيهِ