الطوفان آت

قلت عودي، لم تعدلي، سرقت إغفاء قلبي، أيقظتني

جسداً أنهكه الحزن ضريراً، ثم غابت كل عين، في سواد القهر، غلبت

فكلانا صار أعمى،

سرتُ ليلاً باحثاً عنها فآهٍِ

لم تكُ فاطمةُ (1) مرَّت، قال رمسيس “مجاناً”

ربما جاءت على ألواح نهر، واحتواها سائح جاسوس

فالأعداء فينا من فجاج البحر، منها يمرقون

***

عندما ولّيتُ وجهي نحو “بيت النمل” قالت، أم قنديل صباحاً

ركبت فاطمة القطر، توارت وأنا ناديت عودي

أنت حَبلى، وغريب الدّار عندي، يحمل الغفران صكاً

بصقت حمقاء، كانت لا تبالي

فهنا المرأة تعطى الطرقات السُّود طفلاً، يقتل الهكسوس

ما تعطى مجاناً، مذ توارى الفارس المغبون عنّا، رجع الفلاح عبداً

زاحفاً في الحقل يخفي عورة العصر حياءً

يحل الرافض حياً يعدم الاحراء ليلاً

ويبيع الشعراء القيح جهراً للملوك

***

أم قنديل تقول:

ألف منديل لديها ولقيطْ

فتحت صندوقها ألقت على كف غريب ثوب عذراء وصورة

وعدتني بليالي الأنس إن أمطرت تبغاً ونقوداً ثمن الأفيون

يكفي ملكات الليل آهٍ ألف آهٍ

صوت فيروز يغني القدس وعداً، ونزار الشَّاعر المطعون يرنو من ثقوب الدار

عيني شرقت دمعاً صديدً

يومها لاحت بلادي كملاذ ومعاد

لاح “غيلان (2) على الصفحات شبلاً” ،

سوف اسري اقفل الأبواب حتى يرجع الطُّوفان غدراً

وترى سيناء بكراً وهي بكر، وجنيناً عربياً، مثل أحداق بحيرات

الأماني خسر التاج اللاّلي في بلادي

وتهاوت نزعات الجبروت

***

خلفي القواد يجري،

” يشحذ” التبع يمنى عاشق الرفض تعال

وتنادي على الجسر اثيمة ?

وعلى الكف حقيبة

***

آه ماذا ؟؟

ربما فاطمُ اضحت من نبات هجمىٍّ

ربما كانت رماها قدر الأجيال، أرست سُفنُ الموتى،

على الدرب فتاهت، منها في الحواري، لم تعد تعرف وجهي،

أدمنت فاطمة العَهر وغابتْ،

نسيت جلساتنا في الشرفات البيض فرحي في ضحى “بولاق”  

عدنا للطفولة ?

***

 ربما فاطمة قد حسبتني جئت ابغي لحظة حمراء، فرَّت

حين وافيت المحطة

 اوقفتني شرطة الجسر وقالوا اين تمضي، كان

عندي بعض صفحات بطاقة ??

 قرأوها نورس الصحراء هذا ما الذي ألقاك آهٍ

 اصدقائي، طال بحثي في عيون الجيل جرياً، طال بحثي

مدن تلفظ قلبي وشوارع،?

فافهموني انها فاطمة السمراء ضاعت، حملوها، وقعت في الفخ ليلاً

كان سيفي توابيت حزيران، وكانت تشبه “البلجاء” فكراً

بعدها فاطمة السمراء ماتت، ثم عادت، في حروفي  

ثورة هوجاء صارت، ألف بركان

محيق ?

***

قلت ماذا ؟ ربما صارت ببيروت عروساً

ربما النخّاس أغراها بقصر، فاشتراها بنقود النفط “وعل”

اصدقائي كنت رقماً في دنى بيروت امشي

والمخانيث ورائي

شارع الحمراء خلفي ودم “غسان” على ارصفة الأسواق باقٍ  

من يغني لخيام الفقراء لحناً دموياً

من يغني؟ من يغني؟ كنت ادري أم قنديل كتاب

عرك الدنيا طويلاً، لم ازل بعدُ صبياً أقرأ الاعلان سراً في بلادي

حرموني نعمة الرؤيا بشعري شرّدوني

اترامي من بلاد لبلاد

بحَّ صوتي لم تجب قحطان آهً احمليني من مطار لمطار

ربما فاطمة السمراء كانت في آثينا عبر “سوهو”

من رآها في يديها وصمة العار و

اوهام الجزيرة ?

***

لم تكن حواء

لم تكن هيفاء

افهموني طعنة السكين في العنق وفي الخصر فما عدتُ

صبياً لم تكن بلقيس كانت مثل خنساء مناحات كثارْ

رسمتها في ميادين القتال

***

الف جيل، قد فقدنا، وشنقنا، في ذرى بغداد قسراً،

حاجت المنصور في الحمراء الغى اسمها من كتب التاريخ عادت

ظهر تشرين وغابتْ

فخّذوها طعنوها

واختفت خلف ممرَّات السويس

***

الجنوبي يغني من بعيد

وعلى الأعمدة السوداء يفنى كل يوم

سئم الرفض “فصران” (3) تناست عاشقيها والبذار

ربما فاطمة السمراء عادت موسم الفقدان هذا غابة الأرز تنادي  

زمهريراً همجياًَ

عين “انكيدو” (4) ترى الجولان والطوفان آتٍ

فلماذا ؟؟

فلماذا يا “أبا القرنين” لم تصنع سفينية ؟؟

ولماذا من عظام

الميتين