واها له من ناء

واهاً لَهُ مِن ناء

أَلحانُهُ زَفزاف

في صَمتِ وادي الفَناء

تُعانِقُ الأَسداف

يَضِجُّ في الأَمواج

مُصطَخِبِ الصَوتِ

يَزهى عَلى الإِدلاج

مِن شَفَقِ المَوتِ

مَفيضُهُ مِن دُموع

يَسكِبُها اللَحنُ

وَصَمتُها مَقطوع

يَنهَبُهُ الحُزنُ

دَوّى عَلى الأَصداء

يُمعِنُ في الظَلما

يُسامِرُ الجَوزاء

وَيَنفُخُ الحُلما

عَجيجُهُ صَيّاح

كَالبوقِ في الآذان

يُهاجِمُ الأَرواح

مِن غَيرِ ما اِستِئذان

فَالكَونُ في رَجفِ

كَالكَوكَبِ الخَفّاق

خاضا مِنَ الخَوفِ

في مَسبَحِ الآفاق

وَتارَةً يَخفَت

في غَسقِ اللَيلِ

كَالروحِ لَو تَصمُت

في صَخبِ الوَيلِ

فَتَحسِبُ المَوجا

يَلعَبُ بِالأَرضِ

يَرُجُّها رَجّا

وَبَعدَها يَمضي

يَعلو عَلى النَجمِ

وَيَلمِسُ السَقفا

كَأَنَّ في حُلمِ

طَيفا بِهِ رَفا

فَطافَتِ الذِكرى

بِقَلبِهِ النائي

كَالظِلِّ لَو أَسرى

بِصَفحَةِ الماءِ

في دُجنَةِ الآباد

تَرعِشُ كَالأَشباح

كَالجَمرِ تَحتَ الرَماد

مِن فَوقِهِ النَدُّ فاح

فَلاحَ في اللَيلِ

بُستانُهُ الساجي

مُعَطَّرَ الذَيلِ

في أُفُقٍ داجِ

وَتَحتَ ظَلٍّ وَرَيف

مَقعَدُ مَن يَهوى

يَخطِفُ فيهِ رَفيف

مِنَ السَنا أَضوى

وَتِلكَ لا بَل هذي

مَلاعِبٌ لا تَحصى

لَيسَ لَها مِن نَفاذ

قَطُّ وَلا تُستَقصى

كَم مَرَّ فيها رَبيع

وَمَرَّ فيها خَريف

وَكَم مَشى في خُشوع

يُناغِمُ الشادوف

يَلهو عَلى النَبتِ

وَيَقطِفُ الزَهرا

يَخِفُّ في صَمتِ

يَستَرِقُ الطَيرا