بكائية بين يدي بشار بن برد

يا لأفقي الجريحِ فاض ظلاماً

كالحَ الوجه حالكَ الدَّيْجورِ

ملَّ من وجهه الكئيب سهيل

والثريا, وكل نجم زهير

وضفافي الخضراء ماجت بشوك

قاتل الوخز عابس قمطرير

وطريقي عليه سود الأفاعي

بين أنيابها اغتيال المصير

كلما شبَّت العزائم مني

أخرستها رؤى الفحيح الهصور

فتهاوت خطاي صرعى, فأنَّى

في ضفاف الأنياب يمضي مسيري?

كيف أمضي والزيف دين وطبع

والنفاق الخسيس جسر العبور?

واختلال المعيار أضحى صوابا

والصواب المنير شر الشرور?

إيه (بشارُ) جُدْ بياناً وشعرا

من ضياء وحكمة وعطور

لا تقل (كيف يمنح النور أعمى?)

ليس أعمى من كان حي الشعور

إنما العُمي من طواهم ظلام

في القلوب التي استوت في الصدور

فانظر العالم المسيخ بقلب

نابضٍ بالسنا الشفيف البصير

لن ترى بلبلاً على السرح يشدو

بل خفافيش في رياش الصقور

والبُغاث المضعوف عاث فسادا

بمغانيه في غياب النسور