لا تخجلوا مات من يخجلون

مَسَا الخوفِ

يا أيها الخائفونْ

أأوجعْتُكُم؟

كلُّنَا مُوجَعونْ

لكم صرخةٌ لم تُطِعْهَا الحناجِرُ

لِي دمعةٌ

لم تَسَعْهَا العيونْ

أَنَا خائِفٌ

خائفٌ مثلكم

فلا تخجلوا…

ماتَ مَنْ يخجلون!

أيُوجِعُكم أنَّ وردًا خبيثًا

تَفَتَّحَ فِي الليلِ

دون غصونْ؟

حديقتُنا بنتُ صحوِ البراري

ومعشوقةُ الشمس حَتَّى الجنونْ

نَبَاتاتُها يَبِسَت

فِي البيوتِ

وأزهارُها سُحِقَت

فِي السجونْ!

تموتُ عِطاشًا

ويبقَى الهشيمُ

يكافئُ ناطورَها

بالغُضونْ

يطيبُ لنا أن نشعَّ غموضًا

ونحنُ بفطرَتِنَا واضحونْ

قعدنا

لنُحصِي كوابيسَنا

وسار إلى حُلمِنَا

الآخَرون

فقلنا: يغارونَ

مِن خَطْوِنا

ولم ننتبهْ

أننا قاعدونْ

وحصَّالَةُ العُمْرِ مثقوبةٌ

فمهما ادَّخَرْنا

تضيعُ السِّنُونْ

سيأتي الذي سوف يأتي

غدًا

ولن يجدَ الحزنُ

مَنْ يحزنون!!

أمُرُّ

على شارعٍ طيِّبٍ

وآوِي إلى ركنِ بيتٍ حنُونْ

وأسألُ:

مَا حالُ سُكَّانِهِ؟

تخشخش جدرانُهُ:

طيِّبُونْ

فما بالُ شُبَّاكِهِم؟

لاَ يُضيءُ

وتلفازِهِم؟

ضالغٌ فِي السُّكُونْ

وصُبَّارِ شُرفتِهِم؟

خائفٌ

وجرذانِ مطبخهم؟

آمنون

ولا فرَحٌ

فوق حبل الغسيلِ

ولا ضَحِكَتْ لقمةٌ

للصحونْ

وكلبهمُ ذابلٌ بالوصيدِ

يئنُّ

فيركلُهُ العابرونْ!

ويا بابُ مَا للهواءِ ثقيلاً

كأنَّ ملائكةً ينشِجونْ

إلى أين يا بابُ سارَتْ

خُطَاهم؟

ومن أين جاء

الغبار الخؤون؟

متى صارت الغرفُ الطَّيِّبات

قِلاعًا

يدمِّرُها الفاتحونْ؟

يقولُ لِيَ البابُ:

إنَّ البيوتَ كأصحابِها

لاَ تعرِّي الشجونْ

تَعَرَّ قليلاً

فكمْ عورةٍ تعرَّتْ

وحُرَّاسُها غائبونْ

أرى الماءَ فِي كوبِهِمْ

ظامئًا

أتظما المياهُ لِمَن يشربونْ؟

أيبكي الكتابُ على فرصةٍ

لترميمِ

أرواحِ مَنْ يقرؤون؟

أيهفو السريرُ إلى دِفئِهِم؟

إلى ركضِهِمْ؟

أينَ مَن يركضون؟

أتخْجَلُ

يا حارسَ الطيِّبِينَ

لأنَّكَ حيٌّ

وهُمْ ميِّتُونْ؟

هُنَا…

يا هُنَا

كانَ لي أصدقاءُ

خِفَافٌ

بأحلامِنَا مُثْقَلُونْ

مناكيدُ

آباؤهم فِي القبورِ

وفي حِجْرِهِمْ يترَبَّى بَنُونْ!!

مساتيرُ

فِي عَيْنِ زُوَّارِهِمْ

وفي عَيْنِ تُجَّارِهِمْ

جائعونْ

يسيرون

فِي ظلِّ أحلامهم

مكاسيرَ

لكنَّهم سائرونْ

تَوَهَّجَ فِي الليل

قنديلُهُمْ

فصاحوا:

لقد أبصَرَ المُبْصِرونْ

نرى إمبراطورَنا

عاريًا

فما بالُهُمْ ساءَ مَا يعبُدونْ!

وغَنَّوا لِمَا سوف يأتي

أَتَى

ذئابٌ… غيابٌ

عَذَابٌ… مَنُونْ!

وسِيقُوا إلى نارِهِم

ساطِعِينَ

وقِيلَ: قِفُوا

فَهُمُو مُحضَرُونْ

تَجَلَّى

فلم يسجُدُوا هَيْبَةً

ولم يستُرُوا عُريَهُ

بالجُفُونْ

ولم يحرُسُوا

ضِحْكَ أطفالِهِمْ

فأطفالُهُم بَعْدُ

لاَ يضحَكُونْ

وليس لهُمْ ثَمَّ

جبَّانةٌ

ففي حَبَّةِ العينِ

هُمْ يُدفَنُونْ

أيا شَرْقُ

يا مَلَكُوتَ الظلامِ

لماذا يفارِقُنا

المُشرِقُونْ؟

فمَنْ أغضَبُوا

زوجةَ الإمبراطورِ

ناحَتْ أجنَّتُهمْ

فِي البُطُونْ!

ومَن أخجلوا

ظِلَّ أبنائِهِ

نوافِذُهُمْ أُغلِقَتْ

مِنْ قُرُونْ

ومَنْ خدَشُوا

حَفلَهُ بالصُّراخِ

إلى الآنَ فِي قبرِهِمْ

يصرخونْ

لَهُمْ فِي السماءِ

إلهٌ غفورٌ

فآلهةُ الأرضِ لاَ يغفرونْ!!

لنا ثروةُ الفقر:

راتبُ شَهْرٍ

وسقفٌ

وعائلةٌ

ودُيُونْ!

مسابقةُ الكلماتِ

المسلسَلُ

ليلُ الخميسِ

الذي تعرفونْ!

فُكَاهاتُ مولايَ عادِلْ إمامِ

وزيجاتُ

جارتِنا الحَيْزَبُونْ!

شجاعةُ إيماننا الكُرَوِيِّ

بأبطالِنَا

عندما يُهزَمُونْ

رواياتُ محفوظَ

شِعْرُ نِزارٍ

نِكَاتٌ

تُسَيِّسُ بعضَ المُجُونْ

عِتابُ الصداقةِ

شايُ الودادِ

شوارعُ تَكْرَهُ

مَنْ يكرَهُونْ

شِجارُ الرِّضَا

فِي أماسي القناعةِ

أطفالُنا عندما ينعسونْ

نصيحةُ أُمٍّ

ببعض التسامُحِ

فِي عالَمٍ

متخَمٍ بالضُّغُونْ!

ولطمةُ كفِّ الأُبُوَّةِ

تهوِي

عَلَى خدِّ مَن هانَ كي لاَ يهونْ!!

وباصُ السعادةِ

حين يمرُّ

ونحنُ على حَسْرَةٍ

واقفونْ!

وفيروزُ

تطرُدُها أورشَلِيمُ

فتحضِنُ صرخَتَها

راجعونْ

تِلاَوَةُ رفعَتَ

حينَ تزفُّ

ملائكةً

للسَّمَا يعرُجُونْ!

ألسنا جميعًا على مَا يُرامُ

لماذا إذنْ

يشمَتُ الشامِتُون؟

وقفتُ على مُدُنِ الذكرياتِ

وغربانُ نسيانِها

يمرَحُون

تلفَّتُّ

ثَمَّ خرابٌ أنيقٌ

وموتَى

ولكِنَّهُم ينسِلُونْ

ومرَّتْ كوابيسُ مرضَى الحروبِ

وأشباحُ آلافِ من ينزفونْ

ومرَّ أبي

يا جَنُوبَ المحبَّةِ

نَمْ

فملائكَتِي ساهِرُونْ

ومَرَّ

شذا الرُّوحِ فِي الأبديَّةِ

مرَّ مقاتلةٌ خالدونْ

ومَرَّ

أبو الطيِّبِ المتنبي

وحيدًا

كما ينبغِي أن يكونْ

تنفَّسْتُ

يا صوتُ كُن مُبصِرًا

وكُنْ مُمْطِرًا

إننا مُجدِبُونْ!!

ويا صوتُ

إنَّ السفينةَ تدنو

وبَحَّارَةُ الغَيْبِ

لاَ يُبطِئونْ

خَسِرْنَا السباقَيْنِ

والفائزونَ

بجائزةِ اليأسِ لاَ يربحونْ!!

صرختُ بمولايَ:

إنَّ الجرادَ

أَتَى

والمشائيمُ لاَ يأبَهُونْ

مَخَانيثُ

حاضَتْ سراويلُهمْ

وهُمْ فِي مقاعدِهِمْ

يغْنِجُونْ

وأوطانُهمْ

تحتَ آباطِهِمْ

إذا أكْمَلُوا بَيْعَها

يرحلونْ

رَمَى التِّيهُ

أَشْأَمَ سُكَّانِهِ

وبشَّرَهُم

أننا مُغرَقُونْ!

رعاياكَ

فِي الخوفِ

فَكِّرْ لنا

فنحن كما شئتَنا عاجزون

إلى السورِ

أسوارُنا هُدِّمَتْ

إلى البيتِ

فِي بيتِنا يسكُنونْ

إذنْ فاهربوا الآنَ

لاَ

فالرَّصَاصَةُ أسرَعُ

مِنْ ظَهْرِ مَن يَهربونْ!!

تلفَّتُّ

كان صديقي اللَّدُودُ

كسكِّينَةٍ

سنَّها يائسُونْ

يُطِلُّ على غابةِ الآخرينَ

سريعًا

ويصطادُ

وَعلَ الظُّنُونْ

وينصَحُنِي: كُن صباحَ غنائِك

كُنْ ليلَهُ

إنَّهُمْ هالِكُونْ!

ولا تمتلئْ ببكاءِ سِوَاكَ

وقُلْ جائعٌ

دون واوٍ

ونونْ

بَكَى موقِدٌ

يا طُهاةَ الفجيعَةِ

ماذا على لحمِنَا

تطبُخُونْ؟!

معي مطرٌ

فِي سماءِ الكلامِ

فيا غيمَتِي

أينَ مَن يُخصِبُونْ؟

معي تائهونَ

بلا موطِنٍ

لهُمْ وطَنٌ

أهلُهُ تائِهُونْ

معي مِنْ حُرُوبِ

جنودِ السلامِ

سلامُ الجُنُودِ

وهُمْ يعبُرُونْ

صعيدٌ من الحُزْنِ

والكبرياءِ

إذا خانَهُ زمَنٌ

لاَ يخونْ!!

ونِيلٌ هو الدمعةُ الأزَليَّةُ

مِندِيلُهَا شَجَرُ الزَّيْزَفُونْ

مغاربُ شمسٍ أُمُومِيَّةٍ

إلى اللهِ

فِي حِجْرِها

يصعَدُونْ

تلفَّتُّ

كانت هناك بلادي

وكانت تضيءُ

وهُمْ مُظلِمُونْ

كتبتُ عن الخوفِ

تعويذَةً

تليقُ بآخِرِ مُهرٍ حَرُونْ

ومِنْ حَقِّ حُرَّاسِ وَهْمِ الحداثَةِ

إقصاؤها

عن رصيف الفُنُونْ

ففي العُودِ متَّسَعٌ للجميعِ

وفي اللَّحْنِ

يُمتَحَنُ العازِفُونْ!!

أَنَا تابعٌ

لِصَحَابٍ مَضَوْا

وأمضي

ولِي مثلهُمْ تابعُونْ

يمرُّونَ بالعشقِ مرَّ الشهيدِ

وتبقى البلادُ التي يعشقونْ

إذا أنكرَ الباسمونَ الشفاهَ

وخانَ المدامعَ

من يدمعونْ

فمِصْرُ التي كنتُ عَرَّابَها

ستعرفني

عندما يُنكِرُونْ!!

أَنَا حارسُ الضَّوْءِ

فِي ليلِها

وأصدَقُ مَنْ بِاسْمِهَا

يُولَدُونْ!!