هنالك جنتي فيها سلام

عَلَى شَفَتَيَّ قَدْ وُئِدَ الكَلاَمُ

وَفِي رِئَتَيَّ قَدْ بُعِثَ الضِّرَامُ.

وَفِي التَّصْرِيحِ إِنْ أَفْضَيْتُ قَتْلٌ

وَفِي الكِتْمَانِ إنْ أقْدِرْ حِمَامُ.

وَفِي التَّلْوِيحِ قَدْ أَكْدَيْتُ عَجْزً

افَلاَ نَثْرٌ حَوَانِيَ أو نِظَامُ.

وَبَيْنَ يَدَيْكِ يا سُعْدَى حَيَاتِي

ومَبْدَا قِصَّتِي فيهَا خِتَامُ.

وَفِي شَفَتَيْكِ يا سُعْدَى قضَاءٌ

تَنَزَّلَ مَا يُرَدُّ ولا يُرَامُ.

قَضَائِي فِيكِ أَنْ أَحْيَا شَتِيتًا

بِبَيْنِ البَيْنِ.. لَيْسَ لِيَ التِئَامُ.

قَضَائِي فِيكِ نَزْفٌ سَرْمَدِيٌّ

فَآخِرُهُ كَأَوَّلِهِ احْتِدَامُ.

قَضَائِي فِيكِ لَيْلاَتٌ ثُكَالَى

عَمِيَّاتٌ.. وَإِصْبَاحٌ جَهَامُ.

وَأَوْرَادٌ تُتَمْتِمُ نَائِحَاتٍ

وَمَوْءُودَاتُ عِشْقٍ.. هَلْ تَنَامُ ؟!

أُقَضِّي العُمْرَ بَعْدَكِ نَوْحَ رُوحٍ

وَيُؤْوِينِي التَّشَرُّدُ والهُيَامُ .

تَبَارِيحِي تَسَابِيحِي وَسُكْرِي

وَحُرْقَةُ مُهْجَتِي فِيكِ الْمُدَامُ.

أَيَا سُعْدَى.. وَوَجْهُكِ لِي نُجُومِي

فَإِنْ أَفَلَتْ فَأَكْوَانِي القَتَامُ.

أيَا سُعْدَى.. ومَا نَامَتْ جُرُوحِي

وإِنْ صُفَّتْ عَلَى قَبْري الرِّجَامُ.

أَيَا سُعْدَى.. وَطَيْفُكِ لِي نَدِيمٌ

يُسَاقِينِي.. فَيَرْوِينِي الأُوَامُ.

أَيَا سُعْدَى.. وَقَوْلُكِ: يَا حَبِيبِي

يُمَزِّقُنِي صَدَاهُ.. والغَرَامُ .

ويَسْرِي فِي أَسَارِيرِي سَعِيرًا

لَهُ فِي القَلْبِ عَصْفٌ وَاهْتِدَامُ .

يُذَبِّحُنِي التَّذَكُّرُ كُلَّ نَبْضٍ

وَيَطْعَنُنِي بِأَوْرِدَتِي المَلاَمُ.

وَتَجْلِدُنِي الدَّقَائِقُ وَالثَّوَانِي

فَتَحْطِمُنِي.. وَيَحْطِمُنِي الحُطَامُ.

وَتُقْرِئُنِي هُنَيْهَاتِي أَسَاهَا

وَبَعْضُ هُنَيْهَةٍ فِي التِّيهِ عَامُ.

تُطَوِّقُنِي أَفَاعِيَهَا اللَّيَالِي

وَيُهْدِينِي أَسَاوِدَهُ الظَّلاَمُ .

حَيَاةٌ بَرُّ بَهْجَتِهَا كَفُورٌ

وَحِلُّ حُبُورِهَا فِيهَا حَرَامُ.

وَعَذْبُ فُرَاتِهَا مِلْحٌ أُجَاجٌ

وَصِحَّةُ بُرْئِهَا فِيهَا سَقَامُ.

دُعَاؤُكِ يَا سُعَيْدَى نَهْرُ وَجْدِي

يُرَقْرِقُهُ بِأَحْنَائِي ضِرَامُ.

أُرَتِّلُهُ بِأَسْحَارِي قَصِيدًا

لَهُ فِي الكَوْنِ رَجْعٌ مُسْتَهَامُ.

فَوَاتِحُهُ بِسَمْعِ الصَّخْرِ وَحْيٌ

خَوَاتِمُهُ تَشَظٍّ وَانْفِصَامُ.

وَبَيْنَهُمَا بَرَازِخُ لَيْسَ تَبْغِي

وَبَعْضُ الكَلْمِ يَنْكَؤُهُ الكَلاَمُ !

وَفِي التَّصْرِيحِ يَا سُعْدَايَ قَتْلٌوَ

فِي الكِتْمَانِ يَا وَيْلِي حِمَامُ !

وَفِي الحَالَيْنِ مُحْتَفَرٌ لِقَبْرِي

هُنَالِكَ جَنَّتِي.. فِيهَا سَلاَمُ !.