رثاء الشيخ أحمد ياسين

بَكَتِ الْعُيُونُ وَلاتَ حِينَ بُكَاءِ

الْحِينُ حِينُ مَدَافِعٍ وَدِمَاءِ

شَيْخًا قَعِيدًا يَقْذِفُونَ لِيَسْعَدُوا

عَجِبَ الْوَرَى مِنْ خِسَّةٍ وَغَبَاءِ

وَمَتَى الصَّوَارِيخُ الْبَئِيسَةُ زَلْزَلَتْ

جَبَلاً؟! فَيَا لَتَعَاسَةِ الْجُبَنَاءِ!

قَتَلُوكَ يَا رَمْزَ الصُّمُودِ فَقَدْ رَأَوْا

جَبَلاً سَمَا مِنْ عِزَّةٍ وَإِبَاءِ

وَرَأَوْكَ نَهْرًا يَرْتَوِي مِنْهُ الْهُدَى

أَبْطَالُ أُمَّتِنَا وَكُلُّ فِدَائِي

وَرَأَوْكَ نَجْمًا ثَائِرًا تَهْدِي إِلَى

دَرْبِ الْجِهَادِ وَرِفْعَةٍ وَوَفَاءِ

وَرَأَوْكَ بَدْرًا فِي ظَلامٍ دَامِسٍ

لِتَظَلَّ أُمَّتُنَا بِغَيْرِ ضِيَاءِ

وَرَأَوْكَ لَيْثًا إِنْ زَأَرْتَ تَزَلْزَلُوا

وَلَئِنْ رَنَوْتَ فَرُعْبُهُمْ كَظِبَاءِ

وَرَأَوْكَ رُوحًا تَبْعَثُ الأَمْوَاتَ مِنْ

قَبْرِ الْهَوَانِ وَذِلَّةِ الْعُمَلاءِ

كَانَتْ خِيَانَتُهُمْ كَعَاهِرَةٍ تُجَا

هِرُ بِالعَفَافِ بِطُهْرِهَا بِحَيَاءِ

كَانَ الخِيَانَةُ كَالنُّجُومِ دَفَنْتَهَا

فِي الأَرْضِ حِينَ أَتَيْتَ بِالشُّرَفَاءِ

كَانَ الغِنَاءُ عَلَى الجِرَاحِ وَهَا هُمُ

يَتَرَاقَصُونَ عَلَى أَسَى الأَشْلاءِ

هَذِي حَيَاتُكَ ثُمَّ مَوْتُكَ كَشَّفَا

عَوْرَاتِهِمْ وَفُجُورَهُمْ بِجَلاءِ

أَوَلَمْ يَرَوْا تِلْكَ الدِّمَا كَمْ أَنْبَتَتْ

فِي أَرْضِنَا مِنْ زُمْرَةِ الشُّهَدَاءِ

كَيْفَ الْكَلامُ يَصِيرُ حَيًّا بَيْنَمَا

لا فَرْقَ بَيْنَ الْحُمْقِ وَالْبُلَغَاءِ

كَيْفَ الْقَعِيدُ يَصِيرُ لَيْثًا فِي الْوَغَى

وَجُيُوشُنَا كَالشَّاةِ فِي خُيَلاءِ

كَيْفَ الأَبِيُّ يَصِيرُ أَشْلاءً فَنَتْ

فَتَصِيرَ مِيتَتُهُ مُنَى الْكُرَمَاءِ

يَا فَخْرَ أُمَّتِنَا وَرُعْبَ عُدَاتِنَا

يَا مَنْ رَمَيْتَ ظَلامَنَا بِضِيَاءِ

يَا أَيُّهَا اللَّيْثُ المُوَدِّعُ بُؤْسَنَا

يَا مَنْ بَكَتْكَ قُلُوبُنَا بِدِمَاءِ

يَا مَنْ بَكَتْكَ الأرْضُ كَالثَّكْلَى وَذِي

أُسْدُ الشَّرَى تَبْكِيكَ فِي الأَنْحَاءِ

يَبْكِيكَ أَحْرَارُ الْوَرَى وَأُبَاتُهُمْ

يُؤْسِي الجِرَاحَ رَجَاءُ يَوْمِ لِقَاءِ