قليل من يدوم على الوداد

قَلِيلٌ مَنْ يَدُومُ عَلَى الْوِدَادِ

فَلا تَحْفِلْ بِقُرْبٍ أَوْ بِعَادِ

إِذَا كَانَ التَّغَيُّرُ فِي اللَّيَالِي

فَكَيْفَ يَدُومُ وُدٌّ فِي فُؤَادِ

وَمَنْ لَكَ أَنْ تَرَى قَلْبَاً نَقِيَّاً

وَلَمَّا يَخْلُ قَلْبٌ مِنْ سَوَادِ

فَلا تَبْذُلْ هَوَاكَ إِلَى خَلِيلٍ

تَظُنُّ بِهِ الْوَفَاءَ وَلا تُعَادِ

وَكُنْ مُتَوَسِّطَاً فِي كُلِّ حَالٍ

لِتَأْمَنَ مَا تَخَافُ مِنَ الْعِنَادِ

مُدَارَاةُ الرِّجَالِ أَخَفُّ وَطْئاً

عَلَى الإِنْسَانِ مِنْ حَرْبِ الْفَسادِ

يَعِيشُ الْمَرءُ مَحْبُوباً إِذَا مَا

نَحا في سَيْرِهِ قَصْدَ السَّدادِ

وَمَا الدُّنْيَا سِوَى عَجْزٍ وحِرْصٍ

هُما أَصْلُ الْخَلِيقَةِ فِي الْعِبَادِ

فَلَوْلا الْعَجْزُ مَا كَانَ التَّصَافِي

وَلَوْلا الْحِرْصُ ما كَانَ التَّعَادِي

وَمَا عَقَدَ الرِّجَالُ الْوُدَّ إِلَّا

لِنَفْعٍ أَوْ لِمَنْعٍ مِنْ تَعَادِي

وَمَا كَانَ الْعِداءُ يَخِفُّ لَوْلا

أَذَى السُّلْطَانِ أَوْ خَوْفُ المَعَادِ

فَيَا بْنَ أَبِي وَلَسْتَ بِهِ وَلَكِنْ

كِلانَا زَرْعُ أَرضٍ لِلْحصَادِ

تَأَمَّلْ هَلْ تَرَى أَثَرَاً فَإِنِّي

أَرَى الآثَارَ تَذْهَبُ كَالرَّمَادِ

حَيَاةُ الْمَرْءِ في الدُّنْيَا خَيَالٌ

وَعَاقِبَةُ الأُمُورِ إِلَى نَفَادِ

فَطُوبَى لامْرِئٍ غَلَبَتْ هَوَاهُ

بَصِيرَتُهُ فَبَاتَ عَلَى رَشَادِ