هذا إمام الدين في أعلامه

هذا إمامُ الدينِ في أعلامهِ

والدّينُ مُعتصِمٌ ببأسِ إمامهِ

يَحمِي حَقيقَتَهُ بِقوَّةِ بطشهِ

ويصونُ بَيْضَتَهُ بحدِّ حُسَامِهِ

شيخُ الجهادِ يَودُّ كلُّ مجاهدٍ

لو كان يُدْعى في الوَغَى بِغُلاَمِهِ

عالي اللّواءِ يُقيمُهُ بِحُدُودِهِ

ويُبَيِّنُ المأثورَ من أحكامهِ

المُصلحونَ على الزّمانِ سُيُوفُهُ

وجنودُه في حربِهِ وسلامهِ

عَرِفُوا الجِهَادَ به ومنه تَعَلَّمُوا

ما صَحَّ من دُستُورِهِ ونظامِهِ

غَضِبَتْ قُرَيْشٌ أن جَفَا أصنامَها

ووَفَى بعهدِ إلههِ وذِمَامِه

يغزو فوارِسَهم ويَقتُلُ جمعَهم

حتّى يَدينَ مَرامُهم لمرامِهِ

ويرى المحجَّةَ كلُّ غاوٍ مِنهمُ

فَيكفَّ عن طُغيانِهِ وعُرامِهِ

ويثوبَ جاهلُهُم إلى دينِ الهُدَى

والنّورِ من دينِ العَمى وظلامِهِ

دلَفوا إليه وظَنَّ أكذبُهُم مُنىً

أنْ قد سَقَتْهُ يداه كأسَ حِمامِهِ

أَكذاكَ ينخدِعُ الغبيُّ وهكذا

يَتَخَبَّطُ المفتونُ في أوهامِهِ

مَهْلاً أبيُّ لقد ركبتَ عظيمةً

وأردتَ صرحاً لستَ من هُدَّامِهِ

صَرْحٌ بناه اللَّهُ أوَّلَ ما بنى

وأطالَ من عِرْنِينِهِ وَسَنامِهِ

لا يبلُغُ الباني ذُراه ولا يُرى

في الدّاعِمِينَ بِناؤُه كدِعامِهِ

مَهلاً أبيُّ فإن جَهلتَ مكانَه

فانْهضْ إليه إن استطعتَ وَسَامِهِ

أقدِمْ فخذها يا أبيُّ سُقِيتَها

فانظرْ إلى السّاقِي ورَوعةِ جامِهِ

خَدشٌ كوقعِ الظُّفْرِ أو هُوَ دونه

لِمَ تشتكِي وتَضِجُّ من آلامِهِ

أأُبيُّ أين العودُ والعَلَفُ الذي

أعددتَهُ وجعلته لطعامِهِ

إذهبْ لكَ الويلاتُ من مُتَمَرِّدٍ

عادَى الإِلهَ ولجَّ في آثامه

لكَ من قتيلِ الكبشِ أشأمُ صاحبٍ

يُلْقِي إلى غُولِ الرَّدى بزمامِهِ

أخذ النبيَّ بضربةٍ كانت له

حَتْفَاً يُمَزِّقُ لحمَهُ بعظامِهِ

ولمَن تقدَّمَ فوقَ صهوةِ عاثرٍ

أشقَى وأخيبُ آخد بلجامهِ

هو في الحفيرةِ دُونَ حِصنِ مُحمدٍ

جَثَمَ الحِمامُ عليه قبل قيامهِ

ألقى القضاءُ عليه من أَثقاله

مترامياً ينصبُّ في أجرامِهِ

أرداه بابنِ الصِّمَّةِ البطلِ الذي

أعيا الرَّدى المحتالَ فضُّ صِمامِهِ

يغشاهُ سيفُ العامريِّ فينثني

ودَمُ الجريحِ يَبُلُّ حرَّ أُوامِهِ

سَلمتْ يداك أبا دُجانةَ من فتىً

وَسْمُ المنيَّةِ من حِلَى صَمْصَامِهِ

أحسنتَ ذبحَ المشركينَ فأشبهوا

ما يذبحُ الجزَّارُ من أنعامهِ

يا ويلهم إذ يقذفون نبيَّهم

بحجارةٍ تهوِي هُوِيَّ سهامِهِ

كسروا عَوَارضَهُ وشجُّوا وجهَهُ

من كلِّ غاوٍ جَدَّ في إجرامِهِ

يجري الدَّمُ المدرار من مُتهلّلٍ

طلقِ المحيَّا في الوغَى بَسَّامِهِ

لا يعجبِ الكفارُ من مَسفوحِهِ

فلقد جَرَى من قبلُ في إلهامِهِ

ما ظَنُّهم باللَّهِ يُؤثِرُ عَبْدَهُ

بالبالغِ الموفورِ من إنعامهِ

لن يستطيعِ سِوَى الضلالةِ مذهباً

مَن ليس بالمصروفِ عن أصنامِهِ

لم يخذلُوهُ ولم تَفُتْهُ كرامةٌ

هم عند نُصرتِهِ وفي إكرامِهِ

صَبْرُ المشمِّرِ للجهادِ على الأذَى

خُلُقٌ يتمُّ المجدُ عِندَ تمامِهِ

هذا مَقَامُ محمدٍ في قومِهِ

هل لامرئٍ في الدهرِ مِثلُ مَقامِهِ

القادةُ الهادونَ من أتباعِهِ

والسّادةُ البانونَ من خُدَّامهِ

اللَّهُ أرسله طبيباً شافياً

للعالَمِ الوَحشيِّ من أسقامِهِ

الأمرُ بانَ فأين يلتمسُ الهدى

مَن ضلَّ بينَ حَلالِهِ وحرامِهِ

ركبُ النبيِّ إلى المدينةِ عائدٌ

يَمشِي به جبريلُ في أعلامهِ

يتوسّطُ الجرحَى تَسيلُ دماؤُهم

فوقَ الحصَى من خَلفِهِ وأمامِهِ

ويَمُدُّ فوق المؤمناتِ جَناحَهُ

يقضِي لهنَّ الحقَّ من إعظامِهِ

أَدَّيْنَ مَسنونَ الجهادِ وذُقْنَ في

وَهَجِ الجِلادِ الحقِّ حَرَّ ضرامهِ

شَمتَ اليهودُ وأرجفَ النفَرُ الأُلَى

طَبعَ النِّفاقُ قلوبَهم بختامهِ

قالوا أُصيبَ مُحمدٌ في نفسِهِ

ورجالِهِ وأُصيبَ في أحلامِهِ

ما تلك مَنزلةُ النبيِّ فإنما

يُؤتَى النبيُّ النَّصرَ عِندَ صِدَامِهِ

جَلّتْ مَطالبهُ فراحَ يُريدُهُ

مُلكاً يَدومُ جَلالُهُ بدوامهِ

لو أنّ قتلى الحربِ كانوا عندنا

ما هدَّ هالكُهُم ذَوِي أرحامِهِ

هاجوا مِن الفاروقِ غَضْبةَ واثِقٍ

باللَّهِ لا يُصغِي إلى لُوَّامهِ

فدعا أَيُتْرَكُ رأسُ كلِّ مُنافقٍ

في القومِ يُؤذينا بسوءِ كلامِهِ

قال النَّبيُّ وكيف تَقتلُ مُسْلِماً

أفما تخافُ اللَّهَ في إسلامِهِ

صلَّى عليكَ اللَّهُ من مُتحرِّجٍ

جَمِّ الأناةِ يعفُّ عن ظَلَّامِهِ

سمحِ الشَّريعةِ والخلالِ مُسَدَّدٍ

في نَقضِهِ للأمرِ أو إبرامِهِ