أهذي ديار القوم غيرها الدهر

أَهذي ديارُ القَومِ غَيَّرها الدَهرُ

فَعُوجوا عَليها نَبكِها أَيُّها السَّفْرُ

محا آيها مَرُّ العُصورِ وَكرُّها

إِذا مَرَّ عَصرٌ كَرَّ مِن بَعدِهِ عَصرُ

نُسائِلُها أَينَ استقلَّ قطينُها

وَهَل تَنطق الدارُ المُعَطَّلةُ القَفرُ

وَكائن تَرى من ذي ثَمانين خَضَّبت

لِطُولِ البُكى مِن شَيبهِ الأَدمعُ الحُمرُ

بَكى وَطَناً أَودَت بِسالفِ مَجدِهِ

حَوادث دَهرٍ مِن خَلائقهِ الغَدرُ

أَغارَت عَلَيهِ مِن جَنوبٍ وَشَمأَلٍ

فَما برحت حَتّى أُتيحَ لَها النَصرُ

أَلا إِنَّها مصرُ الَّتي شَقِيَت بِنا

فَيا وَيحَ مصرٍ ما الَّذي لَقِيَت مِصرُ

مَضى عِزُّها المَسلوبُ ما يَستعيدُه

بَنُوها فَلا عِزٌّ لَديهم وَلا فَخرُ

هُمُ رَقَدوا عَنها فَطالَ رُقادُهُم

فَديتكُمُ هُبُّوا فَقَد طَلعَ الفَجرُ

أَلمّا تَروا أَن قَد تُقُسِّمَ أَمرُكُم

بَأَيدي الأُلى جَدّوا فَهل لكمُ أَمرُ

أَما فيكمُ حُرٌّ إِذا قامَ داعياً

إِلى صالحٍ أَوفى فجاوَبَهُ حُرُّ

كَريمان لَمّا يَجثُما عَن عَظيمةٍ

وَلا بهما إِذا يُدعوان لَها وَقرُ

هُما هَضبَتا عَزمٍ وَحَزمٍ كِلاهُما

يَخافُهما الخَطبُ المَخُوفُ فَما يَعرو

هُما الذُخرُ لِلأَوطانِ إِن جَلَّ حادِثٌ

فَضاقَت بِهِ ذَرعاً وَأَعوزَها الذُخرُ