إني نصحتك فاتهمت نصيحتي

إِنّي نَصَحتُكَ فَاِتَّهَمتَ نَصيحَتي

وَزَعَمتَ أَنَّكَ ذو تَجارِبَ حُوَّلُ

وَذَهَبتَ تَركَبُ كُلَّ رَأيٍ جامِحٍ

حَتّى طَحا بِكَ ما تَقولُ وَتَفعَلُ

يا شُؤمَ رَأيِكَ حينَ تَزعُم أَو تَرى

أَنّا عَلى مَكروهِ حُكمِكَ نَنزِلُ

اغلُل عَصاكَ إِلى لِسانِكَ إِنَّما

يَلقى الهَوانَ الفاحِشُ المُتَبَذِّلُ

لَسنا إِذا أَخَذَت يَمينُكَ بِالعَصا

مِمَّن تَهُشُّ بِها عَلَيهِ فَيَجفَلُ

إِنَّ المُؤَدِّبَ لا يُصادِفُ طاعَةً

حَتّى يَراهُ القَومُ مِمَّن يَعقِلُ

أَرَأَيتَ ما صَنَعَ الَّذينَ زَعَمتَهُم

لا يَجرُأونَ عَلَيكَ ساعَةَ تُقبِلُ

أَخَذَتكَ بَينَ المَوكِبَينِ نِعالُهُم

وَالجُندُ يَنظُرُ وَالصَوافِنُ تَصهلُ

وَرَدَتكَ أَرسالاً تَطوفُ ظِماؤُها

بِدَمِ الجَبينِ تُعَلُّ مِنهُ وَتُنهَلُ

صَدَرت تُحَدِّثُ عَن جَوانِبِ صَخرَةٍ

تَهفو القُوى عَنها وَيَنبو المِعوَلُ

صَمّاءَ لَو قُذِفَ الزَمانُ بِمِثلِها

باتَت جَوانِبُهُ العُلى تَتَهَيَّلُ

مَولايَ إِنَّ مِنَ الأناةِ لَجُنَّةً

يُرمى العدوُّ بِها وَيُحمى المَقتَلُ

وَالحَقُّ ما شَرَعَ الهُداةُ فَما عَسى

يَتَطَلَّبُ الغاوي وَيَبغي المُبطِلُ

إِنّي نَصَحتُ وَلاتَ حينَ نَصيحَةٍ

وَأَرى المُضَلَّلَ بِالمَلامَةِ يَعجِلُ

كُن كَيفَ شِئتَ فَلَو هَمَمتَ بِتَوبَةٍ

لَثَناكَ عَمّا رُمتَ بابٌ مُقفَلُ

فِرعَونُ آمَنَ حينَ حُمَّ قَضاؤُهُ

وَجَرى بِمَهلَكِهِ العُبابُ المُرسَلُ

أَتَرى القُبولَ أَتاهُ في إيمانِهِ

أَم أَنتَ تَعلَمُ أَنَّهُ لا يُقبَلُ

آتاكَ أَعيانُ المَدينَةِ نُصحَهُم

وَنَهاكَ عالِمُها الأَبَرُّ الأَمثَلُ

فَزَعَمتَهُم فَوقَ المَقاعِدِ نِسوَةً

وَسَفِهتَ إِذ حَلُموا وَعَفَّ المَحفَلُ