حل الوفاء الحق عقد ذمامه

حَلَّ الوَفاءُ الحَقُّ عَقدَ ذِمامِهِ

وَقَضى الوَلاءُ الصدقُ حَقَّ مَلامِهِ

لي في الهَوى عُذرُ الأَمينِ وَلَيسَ لي

غَدرُ الخؤونِ وَلا أَثيمُ غَرامِهِ

القَلبُ نِبراسٌ فَإِن أَطفَأتَهُ

أَضلَلتَهُ وَضَلَلتَ بَينَ ظَلامِهِ

بَيتُ الحَقيقَةِ إِن تَجَلّى باطِلٌ

فيهِ تَجَلّى اللَهُ في هُدّامِهِ

مالي أُصادي الشِعرَ أَكتُمُ أَهلَهُ

ما يُرمضُ الأَحرارَ مِن آثامِهِ

رَكِبَ الهَوى وَاِستَنَّ سُنَّةَ جاهِلٍ

في جاهِلِيَّتِهِ وَفي إِسلامِهِ

رَضِعَ الأَذى طِفلاً عَلَيهِ تَمائِمٌ

وَجَرى عَلَيهِ فَتىً وَحينَ تَمامِهِ

جازَ الخِيامَ إِلى القُصورِ حَضارَةً

وَالشَرُّ بَينَ قُصورِهِ وَخِيامِهِ

إِن سادَ ظُلمٌ فَهوَ مِن أَعوانِهِ

أَو عَزَّ جَهلٌ فَهوَ مِن خُدّامِهِ

الفَتكُ بِالضُعَفاءِ أَكبَرُ هَمِّهِ

وَالغَدرُ بِالخُلَطاءِ جُلَّ مَرامِهِ

سَفَكَ الدِماءَ وَلَجَّ في غلوائِهِ

صَلِفاً يُدِلُّ بِشَرِّهِ وَعُرامِهِ

وَلَعُ الغَوِيِّ بِكَأسِهِ وَمُدامِهِ

وَغَرامُهُ بِفَتاتِهِ وَغُلامِهِ

وَمَخيلَةُ المُغتَرِّ يَزعُمُ أَنَّهُ

ثَلَّ العُروشَ بِبَأسِهِ وَحُسامِهِ

يَأتي المُلوكَ مُحارِباً وَمُسالِماً

وَالمالُ باعِثُ حَربِهِ وَسَلامِهِ

هَذا الَّذي جَعَلَ القَريضَ مَعابَةً

مَهما تَأَنَّقَ في بَديعِ نِظامِهِ

أَلِفَ الحَضيضَ فَما تَكادُ تُقيمُهُ

أَيدي أَئِمَّتِهِ وَلا أَعلامِهِ

لَولا الأُلى جَعَلوا المُلوكَ رُواتَهُ

هَوَتِ الكَواكِبُ عَن رَفيعِ مَقامِهِ

يَتَصايَحونَ بِهِ عَلى أَبوابِهِم

يَرجونَ كُلَّ مُخافِتٍ بِسَلامِهِ

سامٍ يُزِلُّ الثَبتَ كَرُّ لِحاظِهِ

وَيَخِرُّ بِالجَبّارِ رَجعُ كَلامِهِ

نَظَروا إِلَيهِ وَفي العُيونِ غَشاوَةٌ

فَاِستَصغَروا السَجَداتِ في إِعظامِهِ

وَالمَرءُ إِن نَبَذَ الحَقائِقَ خَلفَهُ

جَهِلَ الصَوابَ وَضلَّ في أَوهامِهِ

أَودى بِدينِ الحَقِّ دينُ غوايَةٍ

كانَت مُلوكُ الشَرقِ مِن أَصنامِهِ

الشَرقُ يَعلَمُ أَنَّ مُعضِلَ دائِهِ

مِن صُنعِ سادِتِهِ وَمِن حُكّامِهِ

نَشَروا لِواءَ الجَهلِ بَينَ شُعوبِهِ

وَقَضوا بِغَيرِ الحَقِّ في أَقوامِهِ

أَخَذوا السَبيلَ إِلى المَناكِرِ فَاحتَذَوا

وَالمَرءُ مُتَّبِعٌ سَبيلَ إِمامِهِ

لا يَعرِفونَ الرَأيَ إِلّا واحِداً

في نَقضِ ما زَعَموا وَفي إِبرامِهِ

هَدَموا مِنَ الإِسلامِ رُكناً عالِياً

نَهَضَ النَبِيُّ وَآلُهُ بِمُقامِهِ

لا يأمَنُ الشَعبُ المُرَوَّعُ كَيدَهُم

إِلّا بِطاعَتِهِ وَبِاِستِسلامِهِ

كَرِهوا لَهُ الإِقدامَ خيفَةَ بَطشِهِ

وَالخَيرُ كُلُّ الخَيرِ في إِقدامِهِ

تيجانُهُم مَخضوبَةٌ بِدِمائِهِ

وَعُروشُهُم مَبنِيَّةٌ بِعِظامِهِ

زَعَموا بَقاءَ المُلكِ في اِستِعبادِهِ

وَرَأَوا دَوامَ الأَمرِ في إِرغامِهِ

انظُر إِلى الدُنيا الجَديدَةِ وَاِعتَبِر

بِعَميمِ عَدلِ اللَهِ في أَحكامِهِ

قَلبَ العُروشَ بِأَهلِها فَتَساقَطوا

مِن كُلِّ أَمنَعَ صاعِدٍ بِدَعامِهِ

أَهوى بِها المَلِكُ الجَليلُ فَأَيقَنوا

بَعدَ الجُحودِ بِعِزِّهِ وَدَوامِهِ

لَم يَدرِ قَيصَرُ إِذ تَحَوَّلَ مُلكُهُ

وَمَضى الكَبيرُ الفَخمُ مِن أَيّامِهِ

أَأُحيطَ بِالمُلكِ الكبيرِ كَما يَرى

أَم ما تَراهُ العينُ مِن أَحلامِهِ

اللَهُ جَدَّدَ لِلشُعوبِ حَياتَها

مِن فَضلِهِ الأَوفى وَمِن إِنعامِهِ