نظم المجد لأبطال الحمى

نظم المجدَ لأبطالِ الحمى

ونظمتُ الشّعرَ ناراً ودما

بطلٌ أبصرتُ مجرى دمهِ

في جبينِ الشَّرقِ لمّا وجما

رفع السّيفَ على هامِ السُّهَى

أفلا أرفع فيه القلما

يا له من عَبقريٍّ مُلهَمٍ

هاج منّي عبقريّاً مُلهَما

ردِّدِي صوتِيَ يا بِيضَ الظُّبَى

إنّما أرثى الكمِيَّ المُعلَما

ردّديهِ غِبطةً أو أسفاً

وابعثيهِ لذّةً أو ألما

اجعلي دُنياكِ في رنّاتهِ

تارةً عُرساً وآناً مأتما

إنما أرعى لقومي ذِمّةً

في كريمٍ كان يرعى الذِّمما

يا لِواءً كان للحقّ حِمىً

حين لا يرجو حِمَىً أو حَرَما

هل طَواكَ الموتُ عنّا أم طوى

بأسُك العاصفُ منه الهِمَما

أنتَ أوهنتَ قُواهُ كلّما

كَرَّ أقدمتَ فولَّى مُحْجِما

يا شهيداً من مواضِي هاشمٍ

كان في الهيجاءِ عَضباً مِخذما

أنتَ علّمتَ تلاميذَ الوغَى

كُلَّ فنٍّ غاب عمّن عَلّما

أخذوها عنكَ دِيناً قيِّماً

وتلقّوها كِتاباً مُحكَما

كشفت آياتُها الكُبرى لنا

عن أعاجيبَ تناهَت عِظَما

إيه يا ابن العاصِ أشبهتَ الأُلىَ

زَلزلوا الدُّنيا وهَزّوا الأمَما

يا لها من شِيَمٍ بدريّةٍ

ما ارْتَضَى اللهُ سِواها شِيما

ما الجهادُ الحقُّ إلا لمحةٌ

من سناها حين يجلو الظُّلَما

ليس بالحيِّ وإن طال المدى

مَن يخافُ الموتَ فيما اعتزما

بعثوا الأَلْفَيْنِ في نيرانِهم

ضَرماً للبَغْيِ يُزجِي ضرما

يأخذُ السِّتينَ في أنقابها

وهي ما تنفكُّ تمضِي قُدُما

أرأيتَ الرُّقْشَ في أوكارها

يتبع الأرقمُ منها الأرقما

طَلَبُوهم أو أراهم نَقَّبوا

عنهمُ الهَضْبَ وشَقُّوا القِمَما

أَبصَروهُمْ بِعُيونٍ حَلَّقتْ

تكشفُ السِّرَّ وتَهدِي ذَا العَمى

أرسلوها فَتَوالى صَيِّبٌ

من جَحيمٍ أرسلته فَهَمى

يا لقومي أَغرَقَتْهم دِيَمٌ

للمنايا الحُمرِ تحدو دِيَما

جاشَ مِن كلِّ النَّواحي سَيْلُها

فَطغَى السَّيلُ عليهم وطما

قيلَ يا ابنَ العاصِ دَعْها غَمرةً

ضجَّ فيها الهَوْلُ ممّا ازدحما

امْضِ لا تُشمِتْ بنا القومَ الأُلىَ

مارسوا مِنكَ القضاءَ المُبرما

إن ينالوا منك ما يُفجِعُنا

فَتَحوا الفتحَ ونالوا المغنما

ذاك غولُ الحتفِ يدنو أَفَلا

تنظرُ المخلبَ منه والفَما

قال كلَّا لستُ ممَّن يَتَّقي

عاصفَ الموتِ إذا الموتُ ارْتَمى

أيقولُ النّاسُ مَنّاعُ الحِمَى

ضنَّ بالنّفسِ عليه فاحتَمى

مَرْحباً بالموتِ يغشاه الفتى

فيراهُ للمعالي سُلَّما

وطنِي الأكرمُ أَوْلَى بِدَمِي

فاذكروا مَن ماتَ حُرّاً مُكْرَما

اذكروهُ عَرَبيّاً ماجداً

نَابِهَ الذِّكرِ كريمَ المُنْتَمى

صادِقَ البأسِ حميّاً أنفُه

يَمْنَعُ الحَوْضَ ويحمِي العلما

تلكَ ذِكرَى المجدِ في مَوْسمِه

فاذْكروهُ وأقيموا المَوْسِما

يا فلسطينُ ارفعي تاجَيْكِ في

دولةِ البأسِ وزِيدي شَمَما

صخرةٌ صمّاءُ تحمِي صخرةً

علّمتها كيف تشفي الصَّمَما

أَسْمَعَتْ بلفورَ نجوى وعدِه

ترتمِي حُزناً وتمضي نَدَما

فإذا الرُّسلُ على أبوابها

تطلب الإذنَ وتُلقِي السَّلَما

ادخُلوها خُشّعاً إن رَضِيَتْ

لِثراها الحُرِّ منكم قدما

هادمُ الأصنامِ من عُمّارِها

كيف تبنِي من ذويكم صنما

بُورِكَتْ من حُرَّةٍ مُؤمنةٍ

كذَّبتْ بِلفورَ فيما زعما

لا ومجرَى الوَحْيِ من مَقْدِسِها

لن تَرَوْها ليهودٍ مطعما

إنّ فيها من قُرَيْشٍ نجدةً

تُنصِفُ المظلومَ مِمَّن ظَلما

احذروا الأُسْدَ إذا ما غَضبتْ

واتّقوا أشبالَها والأجمَا